الموسوعة الحديثية


- جاء نَفَرٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ صاحبًا لنا اشتَكى، أفنَكويه؟ فسَكَتَ ساعةً، ثُمَّ قال: إنْ شِئتُم فاكْووه، وإنْ شِئتُم فارْضِفوه.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 4021 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (7601)، وأحمد (4021) واللفظ له
أمَرَ الشَّرعُ الحَكيمُ باتِّخاذِ أسبابِ التَّداوِي والعِلاجِ مِنَ الأمراضِ، مع اعتِقادِ أنَّ الشِّفاءَ والنَّفعَ والضَّرَّ بيَدِ اللهِ سُبحانَه وتَعالى.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه جاءَ أفرادٌ مِنَ الناسِ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسألونَه عن مَريضٍ لهم يَحتاجُ إلى الكَيِّ، وهو نَوعٌ مِن أنواعِ العِلاجِ، وهو استِعمالُ الآلةِ المُحماةِ بالنَّارِ في العِلاجِ، مِن وَقفِ نَزيفِ جُرحٍ، وغَيرِ ذلك، فسَكَتَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعضًا مِنَ الوَقتِ دُونَ إجابَتِهم، ثم قال: "إنْ شِئتُم فاكووه" بحَديدةٍ مُحماةٍ "وإنْ شِئتُم فارضِفوه"، أي: كَمِّدوه بالرَّضفِ، وهو الحَجَرُ المُحمى، وفي رِوايةٍ لِأحمدَ: "كأنَّه غَضبانُ" مِمَّا يَدُلُّ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (اكووه) على وَجهِ الكَراهةِ الشَّديدةِ، لا على سَبيلِ الإباحةِ المُطلَقةِ.وقد وَرَدَ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّهيُ عنِ الكَيِّ، ويُجمَعُ بَينَ هذه الأحاديثِ بأنَّ الكَيَّ مِنَ العِلاجِ والتَّداوي المأذونِ فيه، وأنَّ النَّهيَ عنه يَحتَمِلُ عِدَّةَ احتِمالاتٍ؛ منها: أنَّ النَّهيَ كان مِن أجْلِ أنَّهم كانوا يُعَظِّمونَ أمْرَ الكَيِّ، كأنَّه هو الذي يُبرِئُ ويَشْفي، وهذا يَتَعارَضُ مع أنَّ اللهَ هو الشَّافي، وأنَّ كُلَّ دَواءٍ ما هو إلَّا سبَبٌ لِلشِّفاءِ مِن عِندِه سُبحانَه، فنَهاهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن هذا الوَجْهِ، وأمَرَهم بالكَيِّ على جِهةِ طَلَبِ الشِّفاءِ، والأخذِ بالأسبابِ. ويَحتَمِلُ أنْ يَكونَ النَّهيُ واقعًا على الكَيِّ قَبلَ وُقوعِ المَرَضِ؛ لِلتَّحرُّزِ منه، وإنَّما أُبيحَ عِندَ نُزولِ المَرَضِ والبَلاءِ؛ لِلعِلاجِ مِن جِهةِ الضَّرورةِ. ويَحتَمِلُ أنْ يَكونَ النَّهيُ عنِ الكَيِّ في أعضاءٍ مُعَيَّنةٍ مِنَ الجِسمِ، إذا كان الضَّرَرُ أشَدَّ مِنَ النَّفعِ.وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ التَّداوي بالكَيِّ.