الموسوعة الحديثية


- أخْبَرتُ عائِشةَ أنَّ ابنَ عُمَرَ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الشَّهرُ تِسعٌ وعِشرونَ، فأنكَرَتْ ذلك عائِشةُ، وقالَتْ: يَغفِرُ اللهُ لأبي عَبدِ الرَّحمنِ، ليس كذلك قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولكنَّه قال: الشَّهرُ يَكونُ تِسعًا وعِشرينَ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 26067 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (26067). وأخرج لفظ: ((الشهر تسع وعشرين)) مسلم (1083)، والنسائي (2131)
لقد رَفَعَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ الحَرَجَ عن أُمَّةِ مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ما اجتَهَدوا في تَحديدِ مَواقيتِ الشَّعائِرِ أو أماكِنِها، وهذا تَيسيرٌ منه سُبحانَه على الأُمَّةِ، وقد جَعَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ الأهِلَّةَ مَواقيتَ لِلنَّاسِ، فبِرُؤيةِ الهِلالِ يَبدَأُ شَهرٌ ويَنتَهي آخَرُ.وفي هذا الحَديثِ تُنكِرُ عائِشةُ على عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه يُحَدِّثُ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَديثًا يَقولُ فيه: "الشَّهرُ تِسعٌ وعِشرونَ"، ففَهِمتْ منه أنَّه يَقصِدُ بذلك أنَّ عَدَدَ أيَّامِ الشَّهرِ على الإطلاقِ تِسعٌ وعِشرونَ يَومًا، فدَعَتْ له بالمَغفِرةِ، ثم أوضَحَتْ حَقيقةَ قَولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَولُه: "الشَّهرُ يَكونُ تِسعًا وعِشرينَ" بمَعنى: أنَّ الشَّهرَ يَكونُ أحيانًا تِسعًا وعِشرينَ، وأحيانًا يَكونُ ثَلاثينَ يَومًا؛ فإنْ ثَبَتتْ رُؤيةُ الهِلالِ بَعدَ انتِهاءِ يَومِ التاسِعِ والعِشرينَ مِنَ الشَّهرِ، كان هذا الشَّهرُ تِسعًا وعِشرينَ يَومًا، ويُحسَبُ صَباحُ تلك اللَّيلةِ هو غُرَّةَ الشَّهرِ الذي يَليه وأوَّلَه؛ وأمَّا إنْ خَفيَتْ رُؤيةُ الهِلالِ بَعدَ انتِهاءِ يَومِ التاسِعِ والعِشرينَ مِنَ الشَّهرِ، كان هذا الشَّهرُ ثَلاثينَ يَومًا، ويُحسَبُ صَباحُ تلك اللَّيلةِ هو اليَومَ الثَّلاثينَ المُتَمِّمَ لِهذا الشَّهرِ.والأصلُ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما لم يَقصِدْ ما ذَكَرتْه عنه عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها، ففي الصَّحيحَيْنِ عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «الشَّهرُ تِسعٌ وعِشرونَ لَيلةً، فلا تَصوموا حتى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العِدَّةَ ثَلاثينَ»؛ فقد بَيَّنَ أنَّ الشَّهرَ إنَّما يَخضَعُ في حِسابِه لِرُؤيةِ الهِلالِ، أو يَكونُ مَعنى قَولِه الأوَّلِ: أنَّ الشَّهرَ مَقطوعٌ بأنَّه لا بُدَّ أنْ يَكونَ تِسعًا وعِشرينَ، فإنْ ظَهَرَ الهِلالُ وإلَّا يُطلَبْ أعلى العَدَدِ، الذي هو ثَلاثونَ، وهو نِهايةُ عَدَدِه.