الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصلِّي منَ الليلِ ثلاثَ عَشْرةَ سَجدةً، وكان أكثرُ صلاتِه قائمًا، فلمَّا كَبِرَ وثَقُلَ، كان أكثرُ صلاتِه قاعدًا، وكان يُصلِّي صلاتَه وأنا مُعتَرِضةٌ بينَ يَدَيْه على الفِراشِ الذي يرقُدُ عليه، حتى يُريدُ أنْ يوتِرَ فيَغمِزُني، فأقومُ، فيوتِرُ، ثُم يَضطَجِعُ حتى يسمَعَ النداءَ بالصَّلاةِ، ثُم يقومُ، فيسجُدُ سَجدتَيْنِ خَفيفتَيْنِ، ثُم يُلصِقُ جَنْبَه الأرضَ، ثُم يخرُجُ إلى الصَّلاةِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 24715 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (1118) أوله في أثناء حديث، ومسلم (737)، وأبو داود (1338)، وابن ماجه (1359) بنحوه مختصراً، وأحمد (24715) واللفظ له
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقومُ مِنَ اللَّيلِ بَينَ يَدَيْ رَبِّه، وكان الصَّحابةُ يَحرِصونَ على مَعرِفةِ تَفاصيلِ عِبادَتِه، ويَسألونَ عمَّا لا يَرَوْنَه مِمَّا كان يَتعَبَّدُ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَيتِه.في هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائِشةُ أُمُّ المُؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانت عادَتُه في صَلاةِ قيامِ اللَّيلِ أنْ يُصَلِّيَ ثَلاثَ عَشْرةَ سَجدةً، أيْ: رَكعةً، فكانَ يُصَلِّي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكعَتَيْنِ رَكعَتَيْنِ، ثم يُوتِرُ بواحِدةٍ، أو بثَلاثٍ، أو بخَمسٍ. فيَكونُ مَجموعُ ما يُصَلِّيه باللَّيلِ ثَلاثَ عَشْرةَ رَكعةً مِنَ النَّوافِلِ، وقدِ اختُلِفَ في حِسابِ رَكَعاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اللَّيلِ؛ ففي بَعضِ الرِّواياتِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي باللَّيلِ إحدى عَشْرةَ رَكعةً، ويَحتَمِلُ أنَّ ما في هذِه الرِّوايةِ (ثَلاثَ عَشْرةَ) بإضافةِ رَكعَتَيِ الفَجرِ؛ "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ ثَلاثَ عَشْرةَ رَكعةً، منها الوِترُ، ورَكعَتا الفَجرِ"، وإِنَّما كانَ الوِتْرُ ورَكعَتا الفَجرِ ممَّا أُلحِقَ بالتَّهجُّدِ; لِأنَّ الظاهِرَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي الوِترَ في آخِرِ اللَّيلِ، ويَكونُ مُستَيقِظًا إلى الفَجرِ، ثم يُصَلِّي الرَّكعَتَيْنِ، مُتَّصِلًا بتَهَجُّدِه ووِتْرِه، وأفهَمَتْ هذِه الرِّوايةُ ومَثيلاتُها عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ مَن قال: إحدى عَشْرةَ، لم يَحسِبْ رَكعَتَيِ الفَجرِ.ثم أخبَرَتْ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ أكثَرَ ما كان يُصَلِّي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اللَّيلِ كان يُصَلِّي واقِفًا، فلَمَّا كَبِرَ في السِّنِّ وثَقُلَ جِسمُه كان يُصَلِّي قاعِدًا، وقد وَرَدَ في الصَّحيحَيْنِ: "كان يُصَلِّي جالِسًا، فيَقرَأُ وهو جالِسٌ، فإذا بَقيَ مِن قراءَتِه قَدْرُ ما يَكونُ ثَلاثينَ أو أربَعينَ آيةً، قامَ فقَرَأ وهو قائِمٌ، ثم رَكَعَ، ثم سَجَدَ، ثم يَفعَلُ في الرَّكعةِ الثانيةِ مِثلَ ذلك"، ولَعَلَّ ذلك لِئَلَّا يُخلِّيَ نَفْسَه مِن فَضلِ القيامِ في آخِرِ الرَّكعةِ، ولِيَكونَ نُزولُه إلى الرُّكوعِ والسُّجودِ مِنَ القيامِ؛ إذْ هو أبلَغُ وأشَدُّ في التَّذلُّلِ والخُضوعِ لِلهِ عَزَّ وجَلَّ.ثم أخبَرَتْ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي أحيانًا صَلاةَ اللَّيلِ في حُجرَتِه، وتَكونُ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها نائِمةً أمامَه على الفِراشِ الذي يَرقُدُ عليه، وهي بَينَه وبَينَ القِبلةِ، فإذا انتَهى مِن تَهجُّدِه "فيَغمِزُني" بضَربةٍ خَفيفةٍ بِيَدِه، فنَبَّهَني مِنَ النَّومِ، فقُمتُ وتَوضَّأتُ فصَلَّيتُ معه صَلاةَ الوِتْرِ، ثم يَضطَجِعُ على شِقِّه الأيمَنِ، كما في رِوايةِ الصَّحيحَيْنِ، حتى يَسمَعَ أذانَ الفَجرِ، فيَقومُ فيَركَعُ رَكعَتَيْنِ خَفيفَتَيْنِ، ثم يُلصِقُ جَنبَه بالأرضِ، وهو كِنايةٌ عن الاضطِجاعِ، وفي الرِّواياتِ: حتى يُؤَذِّنَ بِلالٌ رَضيَ اللهُ عنه بالإقامةِ، فيَخرُجُ فيُصَلِّي بالناسِ الصُّبحَ.