الموسوعة الحديثية


- ترَكَ النَّاسُ ثلاثةً ممَّا كان يَعمَلُ بهِنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ رفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا، ثم سكَتَ قَبلَ القِراءةِ هُنَيَّةً يَسألُ اللهَ مِن فَضلِهِ، ويُكبِّرُ كُلَّما خفَضَ ورفَعَ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 10492 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (753)، والترمذي (240) مختصراً، والنسائي (883) باختلاف يسير، وأحمد (10492) واللفظ له
كان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم يَتَّبِعونَ سُنَّةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويَتحَرَّوْنَها، ويَأمُرونَ بها مَن بَعدَهم ويَحُثُّونَهم عليها.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه بثَلاثِ سُنَنٍ مِن سُنَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَفعَلُها في صَلاتِه، وهي غَيرُ مَشهورةٍ في قَومِه الذين يَحضُرُهم، أو أنَّه يَذكُرُها مِن بابِ التأكيدِ عليها والاهتِمامِ بها؛ حتى لا يُهمِلَها المُصَلِّي في صَلاتِه.فأخبَرَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا قامَ إلى الصَّلاةِ -فَرضًا كانت أو نَفلًا- يَرفَعُ يَدَيْه لِتَكبيرةِ الإحرامِ مَدًّا، أي: يَمُدُّ اليَدَيْنِ فَوقَ الأُذُنَيْنِ مع الرَّأْسِ، وتلك إحدى صُورِ وهَيئاتِ رَفعِ اليَدَيْنِ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حالَ تَكبيرةِ الإحرامِ، والأشهَرُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَرفَعُهما مُحاذيًا بهما أُذُنَيْه، وفي تلك الهَيئةِ احتَمَلَ مَعنى الحَديثِ في قَولِه: "مَدًّا" أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرفَعُ يَدَيْه مَدًّا لِأصابِعِ يَدَيْه لِلأصابِعِ، مُفَرِّقًا بيْنها، فتَكونانِ غَيرَ مَضمومَتَيْنِ، أو مُلتَصِقَتَيِ الأصابِعِ.وقيلَ أيضًا: إنَّ الحَديثَ لم يُبَيِّنْ غايةَ المَدِّ لِليَدَيْنِ، فهو مُجمَلٌ فيها، فلا بُدَّ مِن أنْ يُحمَلَ على الأحاديثِ التي بَيَّنتْ فيها غايَتَه.ثمَّ أخبَرَ أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَسكُتُ هُنَيَّةً قَبلَ القِراءةِ، يَسأَلُ اللهَ مِن فَضلِه، أيْ: كان سُكوتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَقتًا يَسيرًا عِندَ قيامِه في الصَّلاةِ، عَقِبَ تَكبيرةِ الإحرامِ، وقَبلَ قِراءةِ الفاتِحةِ، يَدعو فيه ويَسأَلُ اللهَ مِن فَضلِه، وهو ما يُعرَفُ بوَقتِ دُعاءِ الاستِفتاحِ، ويَقولُه المُصَلِّي سِرًّا في كُلِّ صَلاةٍ -سِرِّيَّةً كانت أو جَهريَّةً-، ويَكونُ عَقِبَ تَكبيرةِ الإحرامِ، وليس في كُلِّ رَكعةٍ، ومِنَ الأدعيةِ التي وَرَدتْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا المَقامِ ما جاء في الصَّحيحَيْنِ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَقولُ: "اللَّهُمَّ باعِدْ بيْني وبيْن خَطايايَ كما باعَدتَ بيْن المَشرِقِ والمَغرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّني مِنَ خَطايايَ كما يُنَقَّى الثَّوبُ الأبيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغسِلْني مِن خَطايايَ بالثَّلجِ والماءِ والبَرَدِ". والأفضَلُ أنْ يَتتبَّعَ المَرءُ الاستِفتاحاتِ الوارِدةَ والثابِتةَ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَأتيَ بهذا مَرَّةً، وهذه مَرَّةً، فيَختارَ، وذلك حتى يَأتيَ بالسُّنَنِ كُلِّها، ولِيَكونَ ذلك إحياءً لِلسُّنَّةِ، وثانيًا لِأنَّه أحضَرُ لِلقَلبِ؛ لِأنَّ الإنسانَ إذا التَزَمَ شَيئًا مُعَيَّنًا صارَ عادةً.ثم أخبَرَ أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُكَبِّرُ في كُلِّ حَرَكاتِ الصَّلاةِ والانتِقالِ بيْنها، فيُكَبِّرُ لِلنُّزولِ لِلرُّكوعِ والسُّجودِ والرَّفعِ مِنهما، والثابِتُ في رَفعِه مِنَ الرُّكوعِ أنَّه يَقولُ: (سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه).