الموسوعة الحديثية


- ألا أُحدِّثُك حديثًا لعلَّ اللهَ أنْ ينفَعَك به إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جمَع بيْنَ الحجِّ والعمرةِ ولم يَنْهَ عنه ولم ينزِلْ فيه ولم يُحرِّمْه وكان يُسلَّمُ علَيَّ فلمَّا اكتوَيْتُ ذهَب أو رُفِع عنِّي فلمَّا ترَكْتُه رجَع إلَيَّ
الراوي : عمران بن الحصين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3938 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَحرِصونَ على تَعليمِ مَن بَعدَهم سُنَّةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسيرَتَه.وفي هذا الحَديثِ يَقولُ التابِعيُّ مُطَرِّفُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ: "قال لي عِمرانُ بنُ حُصَينٍ: ألَا أُحَدِّثُكَ حَديثًا لَعَلَّ اللهَ أنْ يَنفَعَكَ به؟" وذلك أنَّ كُلَّ ما ثَبَتَ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نافِعٌ لِلأُمَّةِ دُنيا وآخِرةً، فأخبَرَه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَمَعَ بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ، والمُرادُ هنا -عِندَ الجَمعِ بَينَ رِواياتِ الحَديثِ- التَّمتُّعُ، لا القِرانُ، فالتَّمتُّعُ بالحَجِّ والعُمرةِ هو أنْ يُحرِمَ بِالعُمرةِ في أشهُرِ الحَجِّ، ثم يَحِلَّ مِنها، ثم يُحرِمَ بِالحَجِّ مِن عامِه، وذلك في قَولِ اللهِ تعالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، وأمَّا القِرانُ فهو الجَمعُ بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ عِندَ الإحرامِ، فيَطوفُ لهما ويَسعى بَينَ الصَّفا والمَروةِ مَرَّةً واحِدةً دُونَ تَكرارٍ، وهذا هو الذي فَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وثَبَتَ عنه، وأمَّا التَّمتُّعُ فكان مِن فِعلِ بَعضِ الصَّحابةِ الذين شارَكوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأمَرَهم به، ولولا أنْ ساقَ الهَدْيَ لَتَمتَّعَ هو أيضًا، ويُبيِّنُ الصَّحابيُّ الجَليلُ أنَّ هذا الأمْرَ لم يَنزِلْ قُرآنٌ يُحَرِّمُه أو يَنْهى عنه، حتى ماتَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.قال عِمرانُ رَضيَ اللهُ عنه فيما يُخبِرُ عن نَفْسِه: "وكان يُسَلَّمُ علَيَّ، فلَمَّا اكتَوَيتُ ذَهَبَ، أو رُفِعَ عَنِّي، فلَمَّا تَرَكتُه رَجَعَ إلَيَّ" والمَعنى: أنَّ عِمرانَ بنَ حُصَينٍ رَضيَ اللهُ عنه كانت به بَواسيرُ، فكان يَصبِرُ على ألَمِها، وكانتِ المَلائِكةُ تُسَلِّمُ عليه؛ فبادَرَ إلى عِلاجِ البَواسيرِ بالكَيِّ بالنارِ، وهو آخِرُ دَواءٍ يَلجأُ إليه الإنسانُ، وليس أوَّلَه، فلَمَّا اكتَوى ولم يَصبِرْ على الأذى أو على المَرَضِ أو على التَّداوي فَترةً طَويلةً، أو غَيرِ ذلك، وبادَرَ المَرَضَ بالكَيِّ، انصَرَفتْ عنه المَلائِكةُ فلم تُسَلِّمْ عليه بَعدَ ذلك، حتى تابَ مِن ذلك ورَجَعَ إلى تَركِ الكَيِّ، فرَجَعتِ المَلائِكةُ تُسَلِّمُ عليه.