الموسوعة الحديثية


- عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: مَن كفَر بالرَّجمِ فقد كفَر بالرَّحمنِ وذلك قولُ اللهِ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة: 15] فكان ممَّا أخفَوُا الرَّجمُ
الراوي : عكرمة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 4430 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الزِّنا مِن أعظمِ الفواحشِ، ومَفسدتُه في الدِّينِ والدُّنيا من أعظَمِ المَفاسِدِ؛ فهو مُنافٍ لِمَصلَحةِ نِظامِ العالَمِ في حِفظِ الأنسابِ، وحِمايةِ الفُروجِ، وصيانةِ الحُرُماتِ، ويُوقِعُ أعظَمَ العَداوةِ والبَغضاءِ بيْنَ الناسِ، وهو مِنَ الجَرائِمِ التي أوجَبَ اللهُ تعالَى الحَدَّ عِقابًا عليها، وهو عُقوبةٌ مُقَدَّرةٌ حَدَّدَها اللهُ تعالَى في كِتابِه، وعلى لِسانِ نَبيِّه، والزَّاني إمَّا أنْ يَكونَ ثَيِّبًّا، وهو المُتَزوِّجُ، أو مَن سَبَقَ له الزَّواجُ، وإمَّا أنْ يَكونَ بِكْرًا لم يَسبِقْ له الزَّواجُ، فإنْ كان مُحصَنًا فإنَّ حَدَّه الرَّجمُ، كما جاءَتْ بذلك سُنَّةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: "مَن كَفَرَ بالرَّجمِ" وادَّعى أنَّه ليس في كِتابِ اللهِ، "فقد كَفَرَ بالرَّحمنِ"؛ لِأنَّه مَعلومٌ مِنَ الدِّينِ بالضَّرورةِ، وثابِتٌ في سُنَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "وذلك قَولُ اللهِ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة: 15]" والمَعنى: أنَّ حُكمَ الرَّجمِ مُثبَتٌ في كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، لِأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرَعَه على عَهْدِه، وأقامَه على مَن ثَبَتَ عليه، وقد رَجَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ماعِزًا والغامِديَّةَ، كما رَوى مُسلِمٌ في صَحيحِه مِن حَديثِ البَراءِ بنِ عازِبٍ، وكما أخرَجَ عَبدُ الرَّزَّاقِ وابنُ حِبَّانَ مِن حَديثِ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، وإسنادُه لا بَأْسَ به: "وكان في القُرآنِ الذي نُسِخَ ما لَفظُه: (وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فارجُموهُما ألْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وكان الرَّجمُ مَشروعًا في شَريعةِ أهلِ الكِتابِ، ومَثبوتًا في كُتُبِهم، "فكان مِمَّا أخْفَوُا الرَّجمُ" حيث كان حَدُّ الرَّجمِ مِمَّا حَرَّفوه وبَدَّلوه مِن مُجمَلِ تَحريفاتِهمُ التي كانت في شَريعَتِهم، ولم يَعمَلوا به، وأنكَروه، كما يُنكِرُ البَعضُ الآنَ أنَّه ليس في كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.وفي الحَديثِ: تَغييرُ اليَهودِ في الشَّرائِعِ الإلهيَّةِ، والكَذِبِ على اللهِ تعالَى.