الموسوعة الحديثية


- أن رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قضى في ديةِ الخطأِ بمائةٍ من الإبلِ : عشرون حِقةً ، وعشرون جذعةً ، وعشرون بنتَ مخاضٍ ، وعشرون بنتَ لبونٍ ، وعشرون بنو لبون ذكورٍ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الدارقطني | المصدر : البدر المنير | الصفحة أو الرقم : 8/418 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ورواته ثقات
حرَّمَ الإسلامُ القَتْلَ، وغَلَّظَ على مَن تَعمَّدَه بغَيرِ حَقٍّ شَرعيٍّ، وقد بَيَّنَ الشَّرعُ الحَكيمُ أَحكامَ القَتْلِ العَمْدِ والخَطَأِ، وبَيَّنَ أنَّ الخَطَأَ فيه الدِّيةُ.وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضى في دِيةِ الخَطَأِ"، ويُحكَمُ بأنَّه خَطَأٌ بعْدَ إقامةِ البَيِّنةِ على أنَّ القاتِلَ أخطَأَ في القَتْلِ ولم يَتَعمَّدْه، والدِّيةُ هي: المالُ الذي يتَحمَّلُه قاتِلُ الخَطَأِ أو أَولِياؤُه وعاقِلتُه فِدْيةً عن القَتْلِ، ولا خِلافَ بيْنَ أهلِ العِلمِ في أنَّ دِيةَ الخَطَأِ على العاقِلةِ، وقد بيَّنَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحديثِ: "بمِئةٍ مِن الإبِلِ" تُقسَّمُ على النَّحوِ الآتي: "عِشرون حِقَّةً"، وهي: النَّاقةُ التي أتَتْ عليها ثَلاثُ سِنينَ، ودخَلَتْ في الرَّابعةِ، وتَحمَّلَتِ الفَحْلَ، "وعِشرون جَذَعةً"، وهي: التي أَتى عليها أربَعُ سِنينَ ودخَلَتْ في الخامِسةِ؛ وسُمِّيَتْ بذلك لأنَّها جَذَعَتْ مُقدَّمَ أسنانِها، أي: أَسْقطَتْه، "وعِشرون بِنتُ مَخاضٍ"، والمَخاضُ: النَّاقةُ الحامِلُ، وبِنتُها: هي التي أتَتْ عليها سَنةٌ، ودخَلَتْ عليها الثَّانيةُ، وحمَلَتْ أُمُّها، "وعِشرون بنتُ لَبونٍ"، وهي: النَّاقةُ التي دخَلَتْ في السَّنةِ الثَّالثةِ؛ سُمِّيَتْ بذلك لأنَّ أُمَّها ولَدَتْ غَيرَها، فصارَ لها لَبَنٌ، والذَّكَرُ ابنُ لَبونٍ، "وعِشرون بَنو لِبونٍ ذُكورٍ"، مِنَ الإبِلِ.ولكنْ وَرَدَ عندَ النَّسائيِّ: "مَن قُتِلَ خَطأً فدِيتُه مِئةٌ مِن الإبِلِ؛ ثلاثون بنتَ مَخاضٍ، وثلاثون بنتَ لَبونٍ، وثلاثون حِقَّةً، وعَشَرةُ بَني لَبونٍ ذكورٍ. إنَّ مَن كان عَقلُه في البَقَرِ على أهلِ البَقَرِ مِئتَي بَقَرةٍ، وَمَن كان عقلُه في الشَّاةِ ألْفَي شاةٍ".فقيلَ: إنَّ كُلَّ هذا جائِزٌ العَمَلُ به، وكُلَّه مُباحٌ لا يُضيَّقُ فيه؛ لأنَّ إجْماعَ السَّلَفِ أنَّ الدِّيةَ مِئةٌ مِنَ الإبِلِ لا يُزادُ عليها، وأنَّها الدِّيةُ التي قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بها، ولا يَضُرُّهم الاختِلافُ في أسنانِها.وعندَ ابنِ ماجَهْ: "وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقوِّمُها"، أي: يُقدِّرُ قيمةَ الدِّيةِ "على أهلِ القُرى أربَعَ مِئةِ دينارٍ"، أيْ: مِن الذَّهَبِ الخالِصِ، "أو عَدْلَها"، وما يُساويها "مِنَ الوَرِقِ"، وهي: الدَّراهِمُ مِن الفِضَّةِ، "ويُقوِّمُها على أزْمانِ الإبِلِ"، أي: على حَسَبِ الوَقْتِ والزَّمنِ؛ "إذا غَلَتْ رَفَعَ ثَمَنَها، وإذا هانَتْ نَقَصَ مِن ثَمَنِها، على نحوِ الزَّمانِ ما كان، فبَلَغَ قيمتُها على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما بيْنَ الأربَعِ مِئةِ دينارٍ إلى ثَمانِمِائةِ دينارٍ، أو عَدْلِها مِن الوَرِقِ ثَمانيةِ آلافِ درهمٍ، وقَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: حَكَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "أنَّ مَن كان عَقْلُه في البَقَرِ، على أهلِ البَقَرِ مِئتي بَقَرةٍ، ومَن كان عَقْلُه في الشَّاءِ على أهلِ الشَّاءِ ألْفَي شاةٍ"، أي: حَكَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تؤخَذَ بحَسَبِ ما يَملِكُه مَن سَيدْفَعُ الدِّيةَ في قَتْلِ الخَطَأِ، فصاحِبُ البَقَرِ يَدْفعُها مِنَ البَقَرِ، وصاحِبُ الغَنَمِ يَدْفعُها مِن الغَنَمِ، ويُلاحَظُ أنَّ دِيةَ قَتْلِ الخَطَأِ مُخفَّفةٌ بهذه الطَّريقةِ ومُيسَّرٌ فيها، بخِلافِ دِيةِ العَمْدِ؛ فإنَّها تَكونُ مُغَلَّظةً؛ فتَكونُ مِن الإبِلِ، وتَكونُ حالَّةً. وفي الحديثِ: تَشْديدُ الشَّرعِ في أَمرِ الدِّماءِ، مع مُراعاةِ أَحوالِ القَتْلِ. وفيه: بَيانُ أنَّ دِيةَ القَتْلِ الخَطَأِ مُخفَّفةٌ.