الموسوعة الحديثية


- فيكَ مثلٌ مِنْ عيسى أبغضَتْه اليهودُ حتى بَهَتوا أمَّه وأحبَّتْه النصارى حتى أنزلوه بالمنزلةِ التي ليستْ بهِ ثم قال : يَهلَكُ فيَّ رجلان محبٌّ مُفرِطٌ يُقرِّظُني بما ليس فيَّ ومُبغضٌ يحملُه شَنَآني على أن يَبْهتني
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 2/355 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الإفراطُ والتفريطُ طَرَفَا نقيضٍ في المعامَلاتِ، ولا يَصِحُّ منهما شيءٌ، والتوسُّطُ في الأمورِ هو الخيرُ والأفضَلُ لكُلِّ النَّاسِ في تصوُّراتِهم ومعتقداتِهم.وفي هذا الحديثِ يخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: إنَّ فيك مَثَلًا وشَبَهًا ممَّا حصل لنبيِّ اللهِ عيسى عليه السَّلامُ، وذلك أنَّه قد أبغضَتْه اليهودُ وكَرِهوه؛ لأنَّه جاءهم بالحَقِّ وأوضَحَ كَذِبَهم وتغييَرهم لدينِ اللهِ، ووصل كُرهُهم له أنَّهم رَمَوا أمَّه مريمَ البتُولَ وافتَرَوا عليها بأنَّها ارتكبت فاحِشةَ الزِّنا! وعلى النَّقيضِ مِن ذلك؛ فإنَّ النَّصارى أحبُّوا عيسى عليه السَّلامُ حتى أنزلوه بالمنزلةِ التي ليست به؛ فمنهم من جعَلَه إلهًا مِن دونِ اللهِ، ومنهم من قال بأنَّه ابنُ اللهِ أو ثالِثُ ثلاثةٍ، وكُلُّ ذلك من إفراطِهم في حُبِّه؛ فكان بذلك أنَّ اليهودَ والنَّصارى على خَطَأٍ.وكذلك عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه يهلِكُ فيه نوعانِ مِنَ النَّاسِ بين الإفراطِ في حُبِّه وبيْن التَّفريطِ في حَقِّه، فرَجُلٌ يحِبُّه حُبًّا مُفرِطًا ويمدَحُه مَدحًا مُبالَغًا بما ليس فيه أصلًا حتى يجعَلَه أعلى من كُلِّ الصَّحابةِ بل أوصَلَتْه بعضُ طوائِفِ الشِّيعةِ إلى مَنزلةٍ أَعلى من منزلةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وبعضُهم جعَلَه إلهًا، وهذا هو فِعلُ المحِبِّ المُفرِط، فيَهلِك بما قاله واعتَقَده، والرَّوافِضُ الذين غَلَوا في حُبِّه ومدَحوه بما ليس فيه يُشبِهون النَّصارى في حُبِّهم لعيسى.ثم يَهلِكُ النَّوعُ الثَّاني وهو المفرِّطُ في حقِّ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، فكَرِهَه كُرهًا فاحشًا، وحمله بُغضُه على أن يفتريَ عليه الكَذِبَ بما يَنقُصُه حَقَّه ومكانتَه في الإسلامِ، ويَنسُبه إلى الزُّورِ والعصيانِ، كما فعلت الخوارجُ واتهمَتْه بأنَّه يعصي أمرَ اللهِ ورَسولِه بقَبولِه التَّحكيمَ في الخِلافِ بينه وبيْن مُعاويةَ بنِ أبي سفيانَ رَضِيَ اللهُ عنهما.وقد بَهَته الخوارجُ بأشياءَ ليست فيه حتى كَفَّروه، فشابهوا اليهودَ الذين أبغَضوا عيسى بنَ مَريمَ وبَهَتوا أمَّه.وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ نبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.وفيه: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لعَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه.