الموسوعة الحديثية


- أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بمُخَنَّثٍ، قد خَضَبَ يَدَيْه ورجلَيْه بالحنَّاءِ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما بالُ هذا ؟ فقِيلَ : يا رسولَ اللهِ ، يَتَشَبَّهُ بالنَّساءِ ، فأَمَرَ به فنُفيَ إلى النَّقِيعِ ، فقالوا : يا رسولَ اللهِ ، ألا نَقْتُلُه ؟ فقال : إني نُهِيتُ عن قتلِ المُصَلِّين.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4928 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كانَ على عَهدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَخانيثُ، وهمُ الذين يَتشَبَّهونَ بالنِّساءِ، ويَتخَلَّقونَ بأخلاقِهنَّ؛ ومِنه ما كانَ خِلْقةً جُبِلَ عليها، وهذا لا دَخلَ له فيه، ومِنه ما كانَ تَكَلُّفًا وتَصَنُّعًا وتَشَبُّهًا، فهذا هو الذي يُؤاخَذُ عليه الإنسانُ. وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتِيَ  بمُخَنَّثٍ قد خَضَّبَ"، بمَعنى: جاءَ له الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم برَجُلٍ مُخَنَّثٍ قد صَبَغَ "يَدَيْه ورِجلَيْهِ بالحِنَّاءِ"، فتَشَبَّهَ بفِعلٍ تَفعَلُه النِّساءُ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما بالُ هذا؟"، ما شَأنُه؟ وما أمْرُه؟ وظاهِرُه: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَنتَبِه لِفِعْلِه، "فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، يَتشَبَّهُ بالنِّساءِ"، بمَعنى أنَّه فِيما يَبدو رَجُلٌ، ولكِنَّه يَتشَبَّهُ بالنِّساءِ في أفعالِهِنَّ وتَصَرُّفاتِهِنَّ، فبَيَّنوا له صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعلَتَه. قالَ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "فأمَرَ"، أيِ: النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "به" بالمُخنَّثِ، "فنُفِيَ إلى النَّقيعِ"، فأبعَدَه خارِجَ المَدينةِ ونَفاهُ، والنَّقيعُ: مَوضِعٌ كانَ بالمَدينةِ، "فقالوا: يا رَسولَ اللهِ، ألا نَقتُلُه؟" يُشيرونَ على النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَتلِه، لا بِنَفيهِ، فقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنِّي نُهِيتُ عن قَتلِ المُصَلِّينَ"، وهذا أمْرٌ عامٌّ بعَدَمِ قَتلِ مَن أقامَ الصَّلاةَ، وألَّا يَستَبيحَ أحَدٌ دَمَ غَيرِه، حتى وإنْ كانَ وَليًّا لِلأمْرِ، إلَّا بما جاءَ عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا يَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلِمٍ، يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رَسولُ اللهِ، إلَّا بإحدى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزاني، والنَّفْسُ بالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدينِه المُفارِقُ لِلجَماعةِ"، مُتَّفَقٌ عليه، والتَّعبيرُ بلَفظِ المُصَلِّينَ؛ لِأنَّ الصَّلاةَ سَمْتُ المُسلِمِ وعُنوانُه، ولا يَعني أنَّ تارِكَ الصَّلاةِ مُستَباحٌ دَمُه، إلَّا إذا كانَ مُنكِرًا لها؛ لِأنَّها مَعلومٌ مِنَ الدِّينِ بالضَّرورةِ. وفي الحَديثِ: نَفيُ المُخَنَّثينَ وإبعادُهم عنِ المُجتَمعِ. وفيهِ: بَيانُ عِظَمِ قَدرِ الصَّلاةِ، والنَّهيُ عن قَتلِ مَن أقامَها حتَّى لو ارتَكَبَ المَعاصيَ.