الموسوعة الحديثية


- أنَّه كان يُصفِّرُ لِحيَتَه، ويَلبَسُ النِّعالَ السِّبْتيَّةَ، ويَستَلِمُ الرُّكنَينِ، ويُلبِّي إذا استَوَتْ به راحِلَتُه، ويُخبِرُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَفعَلُه.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 5950 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (166)، ومسلم (1187) مطولاً
كانَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما شَديدَ الاقتِداءِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما يُبيِّنُ هذا الحَديثُ، حيث يُخبِرُ نافِعٌ مَولى عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: "أنَّه كانَ يُصفِّرُ لِحيَتَه" يَصبُغُها بلَونٍ يُغيِّرُ الشَّيبَ، وفي رِوايةِ أبي داودَ أنَّه كانَ يَصبُغُها، "بالوَرْسِ والزَّعفَرانِ"، والوَرْسُ: نَباتٌ كالسِّمسِمِ أصفَرُ، والزَّعفَرانُ: نَباتٌ ذو لَونٍ ورَائِحةٍ طَيِّبةٍ. قيلَ: قد ثَبَتَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لم يَختَضِبْ؛ فقد روى ابنُ ماجَهْ، عن حُمَيْدٍ قالَ: سُئِلَ أنَسُ بنُ مالِكٍ: أخَضَّبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: "إنَّه لم يَرَ مِنَ الشَّيبِ إلَّا نَحوَ سَبعةَ عَشَرَ، أو عِشرينَ شَعرةً في مُقَدَّمِ لِحيَتِه"؛ فرُبَّما كانَ يَستَعمِلُ الوَرْسَ والزَّعفَرانَ لِلتَّنظيفِ والتَّطَيُّبِ، فيَبقى أثَرُه عليه. وقيلَ: بل يُجمَعُ بَينَ الحَديثَيْنِ بأنْ يُحمَلَ نَفيُ أنَسٍ لِلاختِضابِ على غَلَبةِ الشَّيبِ حتى يَحتاجَ إلى خِضابِه، ولم يَتَّفِقْ أنَّه رآه وهو مُخضِّبٌ، ويُحمَلُ حَديثُ مَن أثبَتَ الخِضابَ على أنَّه فَعَلَه لِبَيانِ الجَوازِ، ولم يُواظِبْ عليه. قالَ نافِعٌ: "ويَلبَسُ النِّعالَ السَّبتيَّةَ" وهي المَصنوعةُ مِنَ الجِلدِ الذي ليس به شَعرٌ، وكانَتْ عادةُ العَرَبِ لِباسُ النِّعالِ، أوِ هي النِّعالُ المَصنوعةُ مِنَ الجِلدِ المَدبوغِ، والنَّعلُ: ما يُلبَسُ في القَدَمِ؛ لِيَقيَها مِنَ الأرضِ، "ويَستَلِمُ الرُّكنَيْنِ" بمَعنى أنَّه كانَ يَلمَسُ ويَمسَحُ بيَدِه الرُّكنَيْنِ مِنَ الكَعبةِ، وهما الحَجَرُ الأسوَدُ، وهو في رُكنِ الكَعبةِ الذي يَلي البابَ مِن جِهةِ المَشرِقِ، والرُّكنُ اليَمانيُّ الذي في جِهةِ اليَمَنِ، "ويُلَبِّي إذا استَوَتْ به راحِلَتُه" بمَعنى أنَّه كانَ إذا أرادَ الإحرامَ بَدَأ التَّهليلَ، ويُلَبِّي بَعدَ أنْ يَركَبَ راحِلَتَه وناقَتَه، "ويُخبِرُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَفعَلُه" بمَعنى أنَّه يَقتَدي في كُلِّ ذلك بفِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وقد وَرَدَ عِندَ أبي دَاودَ وأحمَدَ وغَيرِهما أنَّه "قيلَ لابنِ عَبَّاسٍ: كيف اختَلَفَ الناسُ في إهلالِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ؟ فقالَتْ طائِفةٌ: أهَلَّ في مُصَلَّاه. وقالَتْ طائِفةٌ: حيث استَوَتْ به راحِلَتُه. وقالَتْ طائِفةٌ: حينَ عَلا البَيداءَ؟ فقالَ: "سأُخبِرُكم عن ذلك؛ إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهَلَّ في مُصَلَّاه، فشَهِدَه قَومٌ، فأخبَروا بذلك؛ فلَمَّا استَوَتْ به راحِلَتُه أهَلَّ، فشَهِدَه قَومٌ لم يَشهَدوه في المَرَّةِ الأُولى، فقالوا: أهَلَّ رَسولُ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ الساعةَ، فأخبَروا بذلك، فلَمَّا عَلا البَيداءَ أهَلَّ، فشَهِدَه قَومٌ لم يَشهَدوه في المَرَّتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فقالوا: أهَلَّ رَسولُ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ الساعةَ، فأخبَروا بذلك، وإنَّما كانَ أهَلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مُصَلَّاه". وفي الحَديثِ: بَيانُ ما كانَ عليه الصَّحابةُ مِنِ اتِّباعٍ لِلسُّنَّةِ.