الموسوعة الحديثية


- لَيَلْقَيَنَّ أحَدُكم ربَّه يومَ القيامةِ فيقولُ له : ألَمْ أُسخِّرْ لكَ الخيلَ والإبلَ ؟ ألَمْ أذَرْكَ ترأَسُ وتربَعُ ؟ ألَمْ أُزوِّجْكَ فُلانةَ خطَبها الخُطَّابُ فمنَعْتُهم وزوَّجْتُكَ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 7367 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أنعَمَ اللهُ على بَني آدَمَ بنِعَمٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ويَنبَغي على العَبدِ أنْ يَشكُرَ رَبَّه على كُلِّ أفضالِه، وأنْ يُفرِدَه بالعِبادةِ؛ لِأنَّه سَيُسألُ عنها يَومَ القيامةِ بَينَ يَدَيِ اللهِ سُبحانَه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لَيَلقَيَنَّ أحَدُكم رَبَّه يَومَ القيامةِ" فيَلقى العبدُ اللهَ، وذلك العَبدُ الكافِرُ أوِ الفاجِرُ، فيَقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ له: "ألم أُسَخِّرْ لكَ الخَيلَ والإبِلَ؟" فطَوَّعَ اللهُ الدَّوابَّ مِنَ الخَيلِ والجِمالِ لِتَكونَ في خِدمةِ العَبدِ، وذَلَّلَها له، ثم يَقولُ اللهُ سُبحانَه لِلعَبدِ: "ألم أذَرْكَ تَرْأَسُ" تَرَكتُكَ تَكونُ رَئيسًا وسَيِّدًا "وتَربَعُ؟" قيلَ: مَعناها: تَأخُذُ رُبُعَ الغَنيمةِ، وكانوا في الجاهليَّةِ يأخُذُ سَيِّدُ القَومِ ورَئيسُهم رُبُعَ الغَنيمةِ، وقيلَ: تَستَريحُ، وفي رِوايةِ البَيهقيِّ في الأسماءِ والصِّفاتِ: "تَرتَعُ" بالتَّاءِ، بمَعنى تَتنَعَّمُ، مِنَ الرَّتعِ، وهو: الاتِّساعُ فى الخِصبِ. "ألم أُزَوِّجْكَ فُلانةَ" ولَعَلَّ الإشارةَ لِمَن يُحِبُّها الإنسانُ ثم يَظفَرُ بالزَّواجِ بها، "خَطَبَها الخُطَّابُ فمَنَعتُهم وزَوَّجتُكَ"، والمَعنى: طَلَبَها كَثيرٌ مِنَ الرِّجالِ، إلَّا أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أكرَمَه بها، وجَعَلَها مِن نَصيبِه وقَدَرِه، وفي ذلك نِعمةٌ وفَضلٌ على اللهِ عَزَّ وجَلَّ على عَبدِه؛ إذْ يَسَّرَ له في حَياتِه مَن يَسعَدُ ويَأْنَسُ به. وهذا كُلُّه تَقريرٌ مِنَ اللهِ لِلعَبدِ بنِعَمِه عليه؛ لِيَكونَ مُعتَرِفًا على نَفْسِه بأنَّ اللهَ أعطاه ما يُحِبُّه وما يَطلُبُه؛ لِيَترَتَّبَ على ذلك كُلِّه الحِسابُ والعِقابُ لِمَن لم يُؤَدِّ حَقَّ هذه النِّعَمِ، ولِمَن نَسيَ لِقاءَ رَبِّه. وفي تَمامِ الرِّوايةِ عِندَ مُسلِمٍ: "فيَقولُ العَبدُ: بَلى، أيْ رَبِّ"، نَعَمْ، أُقِرُّ بكُلِّ تلك النِّعَمِ التي أنعَمتَ بها علَيَّ. فيَقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: "أفظَنَنتَ أنَّكَ مُلاقيَّ؟"، وهل كُنتَ تَظُنُّ أنَّكَ سَتلقاني وتَقِفُ بَينَ يَدَيَّ؟ فيَقولُ العَبدُ: "لا"، ما كُنتُ أظُنُّ أنِّي سألقاكَ وأقِفُ بَينَ يَدَيْكَ. فيَقولُ اللهُ لِلعَبدِ: "فإنِّي أنساكَ كما نَسيتَني"، فأترُكُكَ ولن أمنَحَكَ رَحمَتي وغُفراني؛ لِأنَّكَ نَسيتَني في الدُّنيا، وما كُنتَ تُؤمِنُ أنَّكَ ستَلقاني. وفي الحَديثِ: إثباتٌ لِرُؤيةِ المُؤمِنينَ للهِ عَزَّ وجَلَّ يَومَ القيامةِ. وفيه: بَيانُ حِسابِ اللهِ لِلعَبدِ ووُقوفِه بَينَ يَدَيْه. وفيه: تَحذيرٌ لِلنَّاسِ مِن كُفرانِ النِّعَمِ ونِسيانِ شُكرِ اللهِ عليها.