الموسوعة الحديثية


- مَن صام الدَّهرَ ضُيِّقَت عليه جهنَّمُ هكذا ) وعقَد تِسعينَ
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3584 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
مِن فَضلِ اللهِ ونِعمَتِه على عِبادِه أنَّه يُضاعِفُ لهمُ الحَسَناتِ؛ فالحَسَنةُ بعَشرِ أمثالِها، كما أنَّه سُبحانَه لا يُحِبُّ التَّكلُّفَ في العِبادةِ بما لم يأمُرْ به، والإسلامُ دِينُ الوَسطيَّةِ والسَّماحةِ في كُلِّ الأُمورِ، وقد حَثَّ على الاقتِصادِ وفِعلِ المُستَطاعِ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن صامَ الدَّهرَ" والمُرادُ بالدَّهرِ: العامُ، فمَن صامَ كُلَّ أيَّامِ العامِ، "ضُيِّقتْ عليه جَهَنَّمُ هكذا -وعَقَدَ تِسعينَ-" وعَقدُ التِّسعينَ يَكونُ بتَحليقِ إصبَعِه الإبهامِ والتي تَليها، بأنْ يَعطِفَ السَّبَّابةَ ويَجعَلَ رَأْسَها في أصلِها، ويَضُمَّ الإبهامَ عليها؛ لِتَكونَ حَلقةً صَغيرةً مُحاطةً بالإصبَعَيْنِ؛ دَلالةً على شِدَّةِ تَضييقِ جَهَنَّمَ عليه، وظاهِرُ الحَديثِ أنَّ جَهنَّمَ تَضيقُ عليه حَصرًا له فيها؛ لِتَشديدِه على نَفْسِه، وحَمْلِه عليها، ورَغبَتِه عن سُنَّةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واعتِقادِه أنَّ غَيرَ سُنَّتِه أفضَلُ منها، وهذا يَقتَضي الوَعيدَ الشَّديدَ، فيَكونُ حَرامًا؛ وذلك لِأنَّ صَومَ الدَّهرِ مَنهيٌّ عنه، ومُخالِفٌ لِسُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -كما في الصَّحيحَيْنِ-: "لَكِنِّي أصومُ وأُفطِرُ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس مِنِّي"، وهذا مِنَ التَّربيةِ النَّبويَّةِ لِلنَّاسِ على التَّعَبُّدِ للهِ بقَدْرِ الاستِطاعةِ، وعَدَمِ المَشَقَّةِ على النَّفْسِ حتى يُداوِمَ عليها العَبدُ. وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن سَردِ صيامِ الدَّهرِ.