الموسوعة الحديثية


- إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه، فإنِ استيقَنَ أنْ قد صلَّى ثلاثًا فلْيَقُمْ، فلْيُتِمَّ ركعةً بسُجودِها، ثمَّ يَجلِسْ فيَتشهَّدْ، فإذا فرَغ فلم يَبْقَ إلَّا أنْ يُسلِّمَ، فلْيسجُدْ سجدتينِ وهو جالسٌ، ثمَّ لْيُسلِّمْ، ثمَّ ذكَرَ معنى مالكٍ.
الراوي : عطاء بن يسار | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1027 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
مِن رَحمةِ اللهِ سُبحانَه بعِبادِه المُؤمِنينَ أنْ شَرَعَ لهم أُمورًا تَجبُرُ عِبادَتَهم؛ حتى تَكونَ كامِلةً وخاليةً مِنَ النَّقصِ، ومِن ذلك سُجُودُ السَّهوِ لِلصَّلاةِ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إذا شَكَّ أحَدُكم في صَلاتِه"، يعني: تردَّدَ ولم يدْرِ كمْ صلَّى، فعليه أنْ يَبنيَ على اليَقينِ، كما في صحيحِ مُسلِمٍ مِن حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه: "فلم يَدْرِ كم صَلَّى؟ ثَلاثًا أم أربَعًا؟ فلْيَطرَحِ الشَّكَّ"، قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فإنِ استَيقَنَ أنْ قد صَلَّى ثَلاثًا"، أي: فإنْ تَأكَّدَ أنَّه قد صَلَّى ثَلاثَ رَكَعاتٍ في الصَّلاةِ الرُّباعيَّةِ "فلْيَقُمْ، فليُتِمَّ رَكعةً بسُجودِها" فلْيُصَلِّ رَكعةً كامِلةً، "ثم يَجلِسْ فيَتشَهَّدْ" التَّشَهُّدَ الأخيرَ، "فإذا فَرَغَ" مِنَ التَّشهُّدِ "فلم يَبقَ إلَّا أنْ يُسلِّمَ، فلْيَسجُدْ سَجدَتَيْنِ" لِلسَّهوِ "وهو جالِسٌ" قَبلَ التَّسليمِ "ثم ليُسَلِّمْ" بَعدَ الانتِهاءِ مِن سَجدَتَيِ السَّهوِ، وتَكونُ السَّجدتانِ جَبرًا لِلسَّهوِ والنِّسيانِ وجبْرِ ما فاتَه من نقصٍ ولترغيمِ الشَّيطانِ إذا لم يكُنْ نقَصَ شيئًا في صلاتِه. قال: "ثم ذَكَرَ مَعنى مالِكٍ"، أيْ: ثم ذَكَرَ يَعقوبُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ القاريُّ رِوايةً أُخرى لِلحَديثِ، ثم ذَكَرَ في آخِرِها مَعنى حَديثِ مالِكِ بنِ أنَسٍ، الذي فيه: «إذا شَكَّ أحَدُكم في صَلاتِه فلا يَدري كم صَلَّى، ثَلاثًا أو أربَعًا؟ فلْيُصَلِّ رَكعةً وليَسجُدْ سَجدَتَيْنِ وهو جالِسٌ قَبلَ التَّسليمِ، فإنْ كانَتِ الرَّكعةُ التى صَلَّى خامِسةً، شَفَعَها بهاتَيْنِ، وإنْ كانَتْ رابِعةً فالسَّجدتانِ تَرغيمٌ لِلشَّيطانِ"، أي: تكونُ السجدتانِ في هذه الحالةِ دَحرًا له ورَميًا له بالرَّغامِ، وهو التُّرابُ؛ فإنَّ الشَّيطانَ لَبَّسَ عليه صَلاتَه، وتَعرَّضَ لِإفسادِها ونَقصِها، فجَعَلَ اللهُ تَعالى لِلمُصلِّي طَريقًا إلى جَبرِ صَلاتِه، وتَدارُكِ ما لَبَّسَه عليه، وإرغامِ الشَّيطانِ، ورَدِّه خاسِئًا مُبعَدًا عن مُرادِه، وكَمُلَتْ صَلاةُ ابنِ آدَمَ لَمَّا امتَثَلَ أمْرَ اللهِ تَعالى الذي عَصى به إبليسُ، مِنِ امتِناعِه مِنَ السُّجودِ.