الموسوعة الحديثية


- أمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُخرَصَ العِنَبُ، كما يُخرَصُ النَّخْلُ، وتُؤخَذُ زَكاتُه زَبيبًا، كما تُؤخَذُ صَدَقةُ النَّخلِ تَمْرًا.
الراوي : عتاب بن أسيد | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1603 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي بعد حديث (644) باختلاف يسير، وابن ماجه (1819) بنحوه
الزَّكاةُ رُكنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، وقد حَدَّدَ الشَّرعُ ما تَجِبُ فيه الزَّكاةُ مِنَ الأموالِ والعُروضِ والزُّروعِ والثِّمارِ، كما قد بَيَّنَ أنَّ هناك أشياءَ قد عُفِيَ عنِ الزَّكاةِ فيها. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عَتَّابُ بنُ أَسيدٍ رَضيَ اللهُ عنه: "أمَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُخرَصَ العِنبُ"، وذلك بأنْ يُقَدَّرَ كَمِّيَّةُ ثَمَرِه وهو على الشَّجَرِ مِن خَبيرٍ بذلك، وعَتَّابُ بنُ أَسيدٍ كانَ شابًّا مِن شَبابِ الصَّحابةِ، وقد تَولَّى إمارةَ مَكَّةَ في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَه بخَرصِ العِنَبِ في الطَّائِفِ "كما يُخرَصُ النَّخلُ- وتُؤخَذَ زَكاتُه زَبيبًا"، والزَّبيبُ هو العِنبُ بَعدَ تَجفيفِه، والمُرادُ أنْ تُدفَعَ زَكاتُه إلى مُستَحِقِّيها زَبيبًا؛ لِتَكونَ صالِحةً لِلانتِفاعِ، "كما تُؤخَذُ صَدقةُ النَّخلِ تَمرًا" وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الزَّكاةَ لا تَخرُجُ عَقِبَ الخَرصِ، وإنَّما تَخرُجُ إذا صارَ الرُّطَبُ تَمرًا، والعِنبُ زَبييًا. وإنَّما جَعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرْصَ العِنبِ كخَرصِ النَّخلِ؛ لِأنَّه يُخرَصُ مِنَ التَّمرِ ما يُحيطُ به البَصَرُ ظاهِرًا، ولا يَحولُ دونَه حائِلٌ، ولا يَخفى في وَرَقِ الشَّجَرِ، والعِنَبُ في هذا المَعنى، فلِذا شُبِّهَ بالنَّخلِ، بخِلافِ سائِرِ الثِّمارِ، فإنَّ هذا المَعنى مَعدومٌ فيها. وحِكمةُ الخَرصِ وتَقديرِ الثِّمارِ أنَّ الفُقَراءَ شُركاءُ لِأربابِ الأموالِ في الثَّمَرِ، فلو مُنِعَ أربابُ الأموالِ مِنَ الانتِفاعِ بثِمارِهم إلى أنْ تَبلُغَ غايَتَها في الصَّلاحِ، لَأضَرَّ ذلك بهم، ولوِ انبَسَطتْ أيديهم فيها لَأخَلَّ ذلك بحَقِّ الفُقَراءِ منها، ولَمَا كانَتِ الأمانةُ غَيرَ مُتَحقَّقةٍ عِندَ كُلِّ واحِدٍ مِن أربابِ الأموالِ، وعُمَّالِهم، فوَضَعتِ الشَّريعةُ هذا الضَّابِطَ؛ لِيَتوَصَّلَ به أربابُ الأموالِ إلى الانتِفاعِ بها، ويُحفَظَ لِلمَساكينِ حُقُوقُهم. وعَمَليَّةُ الخَرصِ تكونُ عِندَ أوَّلِ وقَتِ بُدُوِّ صَلاحِ العِنَبِ قَبلَ أنْ يُؤكَلَ ويُستَهلَكَ؛ لِيُعلَمَ حِصَّةُ الصَّدَقةِ منها، فيُخرِجُ بَعدَ الجَفافِ بقَدْرِها تَمرًا وزَبيبًا.