الموسوعة الحديثية


- ثلاثَةٌ لا تَرَى أَعْيُنُهُمُ النارَ يومَ القيامةِ : عَيْنٌ بَكَتْ من خَشْيَةِ اللهِ ، و عَيْنٌ حَرَسَتْ في سبيلِ اللهِ ، و عَيْنٌ غَضَّتْ عن مَحارِمِ اللهِ
الراوي : معاوية بن حيدة وابن عباس وأبو ريحانة وأبو هريرة وأنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 2673 | خلاصة حكم المحدث : صحيح بمجموع طرقه
الإسْلامُ دِينُ مَكارِمِ الأخْلاقِ، وفَضائِلِ الأعْمالِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحابَه الآدابَ العامَّةَ والفَضائِلَ الكَريمةَ مع الأعْمالِ الصَّالِحةِ التي تُؤَدِّي إلى رِضا اللهِ، والفَوْزِ بالجَنَّةِ، والنَّجاةِ مِن النَّارِ. كمَا يُبَيِّنُ في هذا الحَديثِ، حيثُ يَقولُ: "ثَلاثَةٌ لا تَرى أعْيُنُهمُ النَّارَ يومَ القِيامةِ"، أي: هناك ثَلاثُ فِئاتٍ مِن النَّاسِ لا يَدخُلون النَّارَ، وعَبَّرَ بالعَيْنِ؛ إشارَةً إلى أنَّ غَيرَها مِن أعْضاءِ الجَسَدِ أَوْلى ألَّا تُعذَّبَ بالنَّارِ، وخَصَّها هُنا؛ بالذِّكْرِ لأنَّ العِمَلَ الظَّاهِرَ يَصدُرُ عنها. الصِّنْفُ الأوَّلُ: "عَيْنٌ بَكَتْ مِن خَشْيةِ اللهِ"، وهو الذي يَبْكي خَوْفًا ورَجاءً للهِ عَزَّ وجَلَّ عِندَ تَوْبةٍ أو ذِكْرٍ أو طاعةٍ، وهذه رحْمَةٌ عامَّةٌ لكلِّ مَنِ اتَّصَف بهذه الصِّفةِ مِن المُسْلِمينَ، وإن كان الأَوْلى بها العُلَماءَ؛ لأنَّ اللهَ يَقولُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]. والصِّنْفُ الثَّاني: "وعَيْنٌ حَرَسَتْ في سَبيلِ اللهِ"، وهو الذي يُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ، وبِالأخَصِّ الذي باتَ على ثُغورِ المُسْلِمينَ يَحرُسُها مِن الأعْداءِ؛ طَلَبًا للأَجْرِ والثَّوابِ مِن اللهِ عَزَّ وجَلَّ. والصِّنْفُ الثَّالثُ: "وعَيْنٌ غَضَّتْ عن مَحارِمِ اللهِ"، فلمْ تَنْظُرْ إلى ما حَرَّمَ اللهُ النَّظَرَ إليْه مِن العَوْراتِ والمَعايِبِ، كما قالَ تَعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30]، وقد جَعَلَ اللهُ سَبْحانَه العَيْنَ مِرْآةَ القَلْبِ، فإذا غَضَّ العَبْدُ بَصَرَه غَضَّ القَلْبُ شَهْوَتَه وإرادَتَه، وإذا أَطْلَقَ بَصَرَه أَطْلَقَ القَلْبُ شَهْوَتَه. والمُرادُ: أنَّ هذه الأفْعالَ وَقَعَتْ مِن هذه العُيونِ وماتَتْ ولم تُحْدِثْ ما يُبْطِلُها ويُغَيِّرُ ثَوابَها، فكان أصْحابُها دائِمِي الخَوفِ مِن اللهِ. وفي الحَديثِ: الحَضُّ على البُكاءِ خَشْيةً مِن اللهِ، وخوفًا منه، ورَجاءً إليْه. وفيه: الحَضُّ على الجِهادِ وطَلَبِ الغَزْوِ والبَياتِ على الثُّغورِ في سَبيلِ اللهِ تَعالى. وفيه: الحَضُّ على غَضِّ البَصَرِ.