الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نظَرَ إلى أَعرابيٍّ قائمًا في الشَّمسِ، وهو يخطُبُ، فقال: ما شأنُكَ؟ قال: نذَرْتُ يا رسولَ اللهِ، أنْ لا أزالَ في الشَّمسِ حتى تفرُغَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليس هذا نَذرًا، إنَّما النَّذرُ ما ابتُغيَ به وَجهُ اللهِ عزَّ وجلَّ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 6975 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه أحمد (6975) واللفظ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1410)
النَّذرُ عَهدٌ يَقطَعُه الإنْسانُ على نَفْسِه، ويَلتزِمُه؛ فيُوجِبُ على نفْسِه شيئًا لم يجِبْ عليه في الأصلِ، ويَنبغي أنْ يكونَ طاعةً يُبتغَى بها وجْهُ اللهِ تعالَى، والوَفاءُ به واجبٌ وقُرْبةٌ إلى اللهِ سُبحانَه وتَعالى إذا كان طَاعةً ومَقدورًا للعَبدِ. وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نظَرَ إلى أعرابيٍّ" وهو رجُلٌ مِن سكَّانِ الباديةِ والصحراءِ، "قائمًا في الشَّمسِ" والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يخطُبُ في المَسجِدِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما شأنُكَ؟" فسألَه عن سَببِ وُقوفِه وقِيامِه هكذا، قال الأعرابيُّ: "نذَرْتُ يا رسولَ اللهِ، ألَّا أزالَ في الشَّمسِ حتى تَفرُغَ"، أي: إنَّ الرجُلَ ألزَمَ نَفْسَه بهذا الوُقوفِ طَوالَ مدَّةِ خُطبةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ليس هذا نَذرًا" فلا يُعَدُّ هذا الفِعلُ نَذرًا؛ لأنَّه ليس مِن أعمالِ العِباداتِ كنَحوِ صَلاةٍ أو صومٍ، ولا مِن أعمالِ الخيرِ وبَذْلِ المَعروفِ كنَحوِ صَدَقةٍ؛ ولأنَّه مَشقَّةٌ غيرُ مُحتَمَلةٍ، ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّما النَّذرُ ما ابتُغِيَ به وَجهُ اللهِ عزَّ وجلَّ"؛ لأنَّ النَّذرَ هو أنْ يُلزِمَ الإنسانُ نَفْسَه بِفِعلٍ ما تَقَرُّبًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، فيَنبَغي ألَّا يكونَ إلَّا فيما ابتُغِيَ به وَجْهُ اللهِ تَعالى، ولا يُمْضِي الإنسانُ نَذرًا عليه إلَّا ما كان مِن طاعةٍ للهِ، مُبتَغِيًا بذلك العملِ وَجْهَه تَعالى، وفَضلًا عن ذلك أنَّه لا نَذرَ في مَعصيةٍ، فلا يَقَعُ النَّذرُ ولا يُؤَدَّى إذا كان في سَخَطِ اللهِ ومَعصيَتِهِ. وفي الحَديثِ: النَّهْيُ عن نَذرِ المَعصيةِ، أو في غيرِ الطَّاعاتِ. وفيه: أنَّ التعبُّدَ للهِ يَنبَغي أنْ يكونَ على قَدرِ استِطاعةِ الإنسانِ.