الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أدرَكَ رَجُلَينِ وهما مُقترِنانِ، يمشيانِ إلى البَيتِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما بالُ القِرانِ؟ قالا: يا رسولَ اللهِ، نذَرْنا أنْ نمشِيَ إلى البَيتِ مُقترِنَينِ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليس هذا نَذرًا، فقطَعَ قِرانَهما، قال سُرَيجٌ في حديثِه: إنَّما النَّذرُ ما ابتُغِيَ به وَجهُ اللهِ عزَّ وجلَّ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 6714 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (2192)، وأحمد (6714) واللفظ له
النَّذرُ هو قُرْبَةٌ إلى اللهِ سُبحانه وتَعالى، يَنْوِيها الإنسانُ بِفِعلٍ مُعَيَّنٍ، فلا تكونُ هذه القُّرْبةُ إلَّا فيما كان أَحَبَّ اللهُ، وفُعِلَ ابتِغاءَ وَجهِهِ. وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أدرَكَ رجُلَينِ وهما مُقتَرِنانِ"، أي: كانا مَربوطَينِ معَ بَعضِهما في حَبلٍ واحدٍ "يَمشيانِ إلى البَيتِ" ذاهِبَينِ على تلك الحالةِ إلى البَيتِ الحَرامِ مَشيًا على أقدامِهما، "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما بالُ القِرانِ؟" فسألَ عن سَببِ رَبطِهما معًا، "قالا: يا رسولَ اللهِ، نَذَرْنا أنْ نَمشيَ إلى البَيتِ مُقتَرِنَينِ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليس هذا نَذرًا"، فلا يُعَدُّ هذا الفِعلُ نَذرًا؛ فليس هو مِن أعمالِ العِباداتِ كنَحوِ صَلاةٍ أو صَومٍ، ولا مِن أعمالِ الخَيرِ وبَذْلِ المَعروفِ كنَحوِ صَدَقةٍ؛ ولأنَّه مَشقَّةٌ غيرُ مُحتَمَلةٍ، "فقطَعَ قِرانَهما" قطَعَ الحبلَ الذي يُربَطانِ فيه. "قال سُرَيجٌ" ابنُ النُّعمانِ، وهو أحدُ رُواةِ الحَديثِ "في حديثِه: إنَّما النَّذرُ ما ابتُغِيَ به وَجهُ اللهِ عزَّ وجلَّ"؛ لأنَّ النَّذرَ أنْ يُلزِمَ الإنسانُ نفْسَه بِفِعلٍ ما؛ تَقَرُّبًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ويَنبغِي ألَّا يكونَ إلَّا فيما ابتُغِيَ به وَجهُ اللهِ تَعالى ذِكْرُه، ولا يُمْضِي الإنسانُ نَذرًا عليه إلَّا ما كان مِن طاعةٍ للهِ، مُبتَغِيًا بذلك العملِ وَجْهَه تعالى، وفَضلًا عن ذلك أنَّه لا نَذرَ في مَعصيةٍ، فلا يَقَعُ النَّذرُ ولا يُؤَدَّى إذا كان في سَخَطِ اللهِ ومَعصيَتِهِ. وفي الحَديثِ: النَّهْيُ عن نَذرِ المَعصيةِ، أو في غيرِ الطَّاعاتِ. وفيه: أنَّ التعَبُّدَ للهِ يَنبَغي أنْ يكونَ على قَدرِ استِطاعةِ الإنسانِ.