الموسوعة الحديثية


- لا يَحقِرَنَّ أحَدُكم نَفْسَه أنْ يَرَى أمْرًا للهِ فيه مَقالٌ، فلا يَقولُ فيه، فيُقالُ له: ما منَعَكَ؟ فيقولُ: مَخافةُ النَّاسِ، فيقولُ: فإيَّايَ كُنتَ أحقَّ أنْ تَخافَ!
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء | الصفحة أو الرقم : 11/ 234- 235 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن ماجه (4008)، وأحمد (11255) باختلاف يسير
المُسلِمُ القَويُّ خَيرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُسلِمِ الضَّعيفِ، وقد حَثَّنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الأمْرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عنِ المُنكَرِ، وهذا يَستَدعي ألَّا يَخشى الإنسانُ في اللهِ لَومةَ لائِمٍ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا يَحقِرَنَّ أحَدُكم نَفْسَه" هذا نَهيٌ عن أنْ يَشعُرَ الإنسانُ بالدُّونيَّةِ في نَفْسِه؛ فيَدَّعيَ الضَّعفَ وقِلَّةَ الحيلةِ، ثم بَيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ متى يَتحَقَّقُ هذا النَّهيُ، فقالَ: "أنْ يَرى أمْرًا للهِ فيه مَقالٌ" أنْ يَرى الإنسانُ ما يُخالِفُ أمْرًا مِن أُمورِ الإسلامِ الصَّريحةِ والجَليَّةِ لِصاحِبِها، وهو يَعلَمُ صِحَّةَ الأمْرِ فيها، ويَندَرِجُ تَحتَها الأمْرُ بالمَعروفِ والنَّهيُ عنِ المُنكَرِ، وتَصحيحُ البِدَعِ القَوليَّةِ والفِعليَّةِ، "فلا يَقولُ فيه" أيْ: يَسكُتُ عن بَيانِ الحَقِّ وقَولِه بحُجَّةِ الضَّعفِ ونَحوِه، "فيُقالُ له: ما مَنَعكَ؟" وفي رِوايةٍ لِابنِ ماجَهْ: "إنَّ اللهَ تَبارَكَ وتَعالى لَيَسألُ العَبدَ يَومَ القيامةِ: حتى يَقولَ: ما مَنَعكَ إذْ رأيتَ المُنكَرَ أنْ تُنكِرَه؟" قالَ أبو سَعيدٍ رَضيَ اللهُ عنه: "فيَقولُ: مَخافةُ الناسِ"، بمَعنى أنَّ الرَّهبةَ والخَوفَ مِن وُقوعِ الضَّرَرِ عليه في الدُّنيا مَنَعاه أنْ يُظهِرَ الحَقَّ ويَتكَلَّمَ به، فيَقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: "فإيَّايَ كُنتَ أحَقَّ أنْ تَخافَ" بمَعنى أنَّ الخَوفَ مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ أوْلى، وذلك لِأنَّ ضَرَرَ الدُّنيا وأذاها لا يُقارَنانِ أبَدًا بعَذابِ الآخِرةِ إنْ مَسَّ الإنسانَ منه شَيءٌ؛ فالإنسانُ مأمورٌ بأنْ يَنتَصِرَ لِلحَقِّ في كُلِّ المَيادينِ، ويُظهِرَه على الباطِلِ، سَواءٌ ضَعُفَ عنه أو قَويَ عليه. وذلك على دَرَجاتٍ مِن حيثُ القُوَّةُ والمَكانةُ والتَّمكُّنُ مِنَ التَّغييرِ، فأعلى الدَّرَجاتِ أنْ يُغَيِّرَ المَرءُ الباطِلَ إلى الحَقِّ بيَدِه، فإنْ لم يَستَطِعْ فبِلِسانِه، فإنْ لم يَستَطِعْ، يُنكِرِ الباطِلَ بقَلبِه مع تَمنِّي انتِصارِ الحَقِّ.