الموسوعة الحديثية


- انطلَقْتُ مع أبي إلى الجمُعةِ بالمدائنِ، وبيْنَنا وبيْنَها فَرْسَخٌ، وحُذَيْفةُ على المدائنِ، فحمِد اللهَ، وأثْنى عليه، ثمَّ قال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]، ألَا وإنَّ السَّاعةَ قدِ اقترَبتْ، ألَا وإنَّ القَمرَ قدِ انشقَّ.
الراوي : عبدالله بن حبيب أبو عبدالرحمن السلمي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 706 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أفضَلَ الناسِ بَعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم تَشغَلْهمُ الدُّنيا بَعدَ أنْ فَتَحَ اللهُ عليهمُ الفُتوحَ وأصبَحوا خُلَفاءَ في الأرضِ، مُذَكِّرينَ أنفُسَهم ورَعيَّتَهم بالآخِرةِ والخَوفِ منها. وفي هذا الحَديثِ يقولُ التابِعيُّ أبو عَبدِ الرَّحمنِ السُّلَميُّ: "انطَلَقتُ مع أبي إلى الجُمُعةِ بالمَدائِنِ" لِصَلاةِ الجُمُعةِ وحُضورِ الخُطبةِ، والمَدائِنُ كانتْ عاصِمةَ السَّاسانيِّينَ الفُرسِ، وهي بَلَدٌ كَبيرٌ كان يَسكُنُه مُلوكُ الفُرسِ، وكانت على شَرقيِّ نَهرِ دِجلةَ، وتُعرَفُ الآنَ باسمِ "سَلمانُ باك"، على بُعدِ 25 كم جَنوبَ شَرقِ بَغدادَ "وبَينَنا وبَينَها فَرسَخٌ" ومِقدارُه: 6 كيلو مِتراتٍ تَقريبًا، "وحُذَيفةُ على المَدائِنِ" وكانَ حُذَيفةُ بنُ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنه واليًا عليها في عَهدِ الخَليفةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، وكانَ الخُلَفاءُ والوُلاةُ يَتوَلَّوْنَ إمامةَ الناسِ والخُطبةَ فيهم، "فحَمِدَ اللهَ، وأثْنى عليه، ثم قال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]، ألَا وإنَّ الساعةَ قدِ اقتَرَبتْ، ألَا وإنَّ القَمَرَ قدِ انشَقَّ" مُؤكِّدًا على معنى الآيةِ، وهو أنَّ مَوعِدَ القيامةِ قدِ اقتَرَبَ، ومِن عَلاماتِها انشِقاقُ القَمَرِ، وكانَ القَمَرُ قدِ انشَقَّ على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بمَكةَ، قَبلَ هِجرَتِه إلى المَدينةِ، وذلك أنَّ كُفَّارَ أهلِ مَكةَ سألوه آيةً، فآراهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انشِقاقَ القَمَرِ، آيةً وحُجَّةً على صِدقِ قَولِه، وحَقيقةِ نُبوَّتِه; فلَمَّا أراهم أعرَضوا وكَذَّبوا.