الموسوعة الحديثية


- أتَيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أسألُهُ في صَداقٍ، فقال: كم أصدَقْتَ؟ قُلتُ: مِئَتَيْ دِرهَمٍ، قال: لو كنتم تَغرِفونَ مِن بُطحانَ، لمَا زادَ.
الراوي : أبو حدرد | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 5051 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الصَّداقُ يُطلَقُ على المَهرِ الذي يُدفَعُ لِلمَرأةِ عِندَ تَزوُّجِها، وتَستَوجِبُه كامِلًا عِندَ الدُّخولِ بها. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو حَدْرَدٍ الأسلَميُّ رَضيَ اللهُ عنه: "أتَيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أسألُه في صَداقٍ" وفي رِوايةِ الطَّيالِسيِّ "أنَّ أبا حَدْرَدٍ استَعانَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نِكاحٍ" جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُعينَه ببَعضِ المالِ لِقَضاءِ المَهرِ الذي وَعَدَ به أصهارَه، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كم أصدَقتَ؟" ما مِقْدارُ المَهرِ الذي ستُقدِّمُهُ لها؟ فقالَ أبو حَدْرَدٍ رَضيَ اللهُ عنه: "مِئَتَيْ دِرهَمٍ" وهو مِقدارٌ كَبيرٌ مِنَ المالِ في حَقِّ أبي حَدْرَدٍ، خُصوصًا أنَّ المَهرَ دَيْنٌ على الرَّجُلِ، والدِّرهَمُ يُساوي قُرابةَ ثَلاثةِ جِراماتٍ مِنَ الفِضَّةِ أو يَزيدُ قَليلًا، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لو كُنتُم تَغرِفونَ مِن بُطْحانَ، لَمَا زادَ" وبُطْحانُ: أحَدُ أوديةِ المَدينةِ الكُبرى الرَّئيسةِ، والمعنى: لو كُنتُم تَغرِفونَ الفِضَّةَ مِن هذا الوادي ما زِدتُم على هذا المِقدارِ، خَرَجَ هذا الكَلامُ مَخرَجَ الإنْكارِ والتَّعجُّبِ مِن كَثرةِ المَهرِ، مع قِلَّةِ مالِهِ؛ فإنَّه كانَ فَقيرًا، فأدْخَلَ نَفْسَه في مَشقَّةٍ، وإلَّا فقد أصْدَقَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِساءَه خَمسَ مِئةِ دِرهَمٍ، أزْيَدَ مِن هذا الرَّجُلِ، ولكِنْ مَعنى هَذا الكَلامِ الحَثُّ على عَدَمِ المُبالَغةِ والإكثارِ مِنَ المَهرِ بالنِّسبةِ إلى حالِ الزَّوجِ. وفي الحَديثِ: الحَثُّ على القَصدِ في الصَّداقِ وتَركِ المُبالَغةِ فيه. وفيه: مُراعاةُ الإنسانِ لِمَقدِرَتِه المادِّيَّةِ في تَحديدِ مِقدارِ الصَّداقِ.