الموسوعة الحديثية


- أتَيتُ الأسوَدَ بنَ يَزيدَ فقُلتُ: إنَّ أبا الأحوَصِ قد زاد في خُطبةِ الصَّلاةِ: والمُبارَكاتُ، قال: فأْتِه، فقُلْ له: إنَّ الأسوَدَ يَنهاكَ، ويقولُ: إنَّ عَلقَمةَ تَعلَّمَهنَّ مِن عبدِ اللهِ كما يَتعلَّمُ السُّورةَ مِن القُرآنِ، عَدَّهنَّ عبدُ اللهِ في يدِه، ثُمَّ ذَكَرَ تَشهُّدَ عبدِ اللهِ.
الراوي : أبو إسحاق | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 3802 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
عَرَفَ الصَّحابةُ والتَّابِعونَ مَقامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَقامَ سُنَّتِه الشَّريفةِ، خُصوصًا فيما يَتعَلَّقُ بالعِباداتِ، فكانوا يَجتَهِدونَ في تَحصيلِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والتِزامِها على القَدْرِ الذي عَرَفوه دونَ زيادةٍ أو تَحريفٍ. وفي هذا الأثَرِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو إسحاقَ عَمرُو بنُ عَبدِ اللهِ السِّبيعيُّ: "أتَيتُ الأسوَدَ بنَ يَزيدَ، فقُلتُ: إنَّ أبا الأحوَصِ" وهو عَوفُ بنُ مالِكٍ الأشجَعيُّ، "قد زادَ في خُطبةِ الصَّلاةِ" وتُطلَقُ على التَّشَهُّدِ سَواءٌ كانَ الأوسَطَ أوِ الأخيرَ في الصَّلاةِ: "والمُبارَكاتُ" تَقديرُه: (التَّحيَّاتُ للهِ والصَّلَواتُ والطَّيِّباتُ والمُبارَكاتُ) ومعنى "المُبارَكاتُ": الزِّيادةُ والنَّماءُ في الخَيرِ، فقالَ الأسوَدُ: "فَأْتِه" فارْجِعْ إليه وحَذِّرْه ونَبِّهْه "فقُلْ له: إنَّ الأسوَدَ يَنهاكَ" والمَعنى: يَنهاكَ عن تلك الزِّيادةِ التي أضَفتَها في التَّشَهُّدِ، "ويَقولُ: إنَّ عَلقَمةَ" وهو ابنُ قَيسٍ النَّخَعيُّ، وكانَ مِن تَلاميذِ عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، "تَعلَّمَهُنَّ مِن عَبدِ اللهِ كما يَتعَلَّمُ السُّورةَ مِنَ القُرآنِ" حَفِظَها كحِفظِ آياتِ القُرآنِ دونَ زيادةٍ أو نَقصٍ، وهذا تأكيدٌ أنَّه لا يَجوزُ التَّعدِّي فيها، "عَدَّهُنَّ عَبدُ اللهِ في يَدِه" بمَعنى: عَدَّدَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ بيَدِه ألفاظَ التَّشَهُّدِ حِرْصًا على عَدَمِ الزِّيادةِ أوِ النُّقصانِ فيهِنَّ، "ثم ذَكَرَ تَشَهُّدَ عَبدِ اللهِ" وقد جاءَ في الصَّحيحَيْنِ صِيغةُ التَّشَهُّدِ التي رَواها عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، وفيها: "التَّحيَّاتُ للهِ، والصَّلَواتُ، والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالِحينَ؛ فإنَّه إذا قالَ ذلك أصابَ كُلَّ عَبدٍ صالِحٍ في السَّماءِ والأرضِ، أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ محمدًا عَبدُه ورَسولُه". وصِيَغُ التَّشَهُّدِ المَرويَّةُ عنِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم مُتَعدِّدةٌ، وما سَبَقتْ هي إحدى الصِّيَغِ التي وَرَدتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَفظُ (المُبارَكاتُ) وَرَدَ عِندَ مُسلِمٍ مِن حَديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما. وفي الحَديثِ: تَحرِّي العِباداتِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والتَّوقُّفُ عِندَ ما وَرَدَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دونَ زيادةٍ أو نَقصٍ.