الموسوعة الحديثية


- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى بهم يومَ كسَفَتِ الشَّمسُ، يومَ مات إبراهيمُ ابنُه، فقام بالنَّاسِ، فقيل: لا يركَعُ، فركَعَ، فقيل: لا يرفَعُ، فرفَعَ، فقيل: لا يسجُدُ، وسجَدَ، فقيل: لا يرفَعُ، فقام في الثَّانيَةِ، ففعَلَ مِثلَ ذلك، وتجلَّتِ الشَّمسُ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 6868 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (6868) واللفظ له، وعبدالرزاق (4938)، وابن خزيمة (1393)
للهِ سُبحانَه آياتٌ في الكَونِ تُظهِرُ قُدرَتَه وقُوَّتَه، وهذه الآياتُ فيها مِنَ العِبَرِ ما يَعتَبِرُ به أُولو الألبابِ، ومِن هذه الآياتِ آيةُ كُسوفِ الشَّمسِ، التي يُخوِّفُ اللهُ بها عِبادَه، وقد شُرِعتْ صَلاةُ الكُسوفِ عِندَ حُدوثِ هذه الآيةِ لِلتَّضرُّعِ إليه سُبحانَه وطَلبِ عَفْوِه ورَحمَتِه. وفي هذا الحَديثِ يحكي عَبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى بهم يَومَ كُسِفتِ الشَّمسُ" صَلاةَ كُسوفِ الشَّمسِ، والكُسوفُ هو انطِماسُ الضَّوءِ وغِيابُه بسَببِ وُقوفِ القَمَرِ حاجِزًا بَينَ الشَّمسِ وبَينَ الأرضِ، "يَومَ ماتَ إبراهيمُ ابنُه" حيثُ صادَفَ كُسوفُها يَومَ مَوتِه، "فقامَ بالناسِ" جَعَلَ يُصَلِّي خَوفًا ورَهبةً، "فقيلَ: لا يَركَعُ. فرَكَعَ، فقيلَ: لا يَرفَعُ. فرَفَعَ، فقيلَ: لا يَسجُدُ. وسَجَدَ، فقيل: لا يَرفَعُ. فقامَ في الثانيةِ، ففَعَلَ مِثلَ ذلك"، وكُلُّ هذا كِنايةٌ عن طولِ قيامِه بَعدَ تَكبيرةِ الإحرامِ، وكذلك أطالَ رُكوعَه وسُجودَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "وتَجلَّتِ الشَّمسُ" ظَهَرتْ، وعادَ إليها الضَّوءُ وزالَ الكُسوفُ. وهذه صورةٌ مِن صُوَرِ صَلاةِ الكُسوفِ التي وَرَدتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد تَعدَّدتِ الرِّواياتُ في ذلك، وكانَ الناسُ قد قالوا: "كَسَفتِ الشَّمُسُ لِمَوتِ إبراهيمَ" فصَوَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما اعتَقَدوه، فقد وَرَدَ في الصَّحيحَيْنِ وغَيرِهما عن أكثَرَ مِن صَحابيٍّ قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ لا يَنكَسِفانِ لَمَوتِ أحَدٍ مِنَ الناسِ، ولكِنَّهما آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ، فإذا رَأيتُموهما فقوموا فصَلُّوا". وهذه إحدى الرِّواياتِ الصَّحيحةِ المَرويَّةِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كَيفيَّةِ صَلاةِ الكُسوفِ، وكُلُّ الرِّواياتِ تَصِفُ حالًا مِن أحوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما كانَ يَفعَلُه عِندَ هذِه النَّازِلةِ، وأنَّه كان يَفزَعُ إلى الصَّلاةِ بَينَ يَدَيِ اللهِ حتَّى تَنكَشفَ الغُمَّةُ. وقيلَ: إنَّ المَشهورَ في كيفيَّةِ صَلاةِ الكُسوفِ أنَّها رَكعَتانِ، في كُلِّ رَكعةٍ قِيامَانِ وقِراءَتانِ ورُكوعانِ، وأمَّا السُّجودُ فسَجدَتانِ كغَيرِهما، وسَواءٌ تَمادى الكُسوفُ أو لا. وفي الحَديثِ: إثباتُ صَلاةِ الكُسوفِ ومَشروعيَّتِها مع بَيانِ كَيفيَّتِها.