الموسوعة الحديثية


- لا يَحِلُّ قَتلُ امرِئٍ مُسلمٍ، إلَّا في ثَلاثِ خِصالٍ: زانٍ مُحصَنٍ فيُرجَمُ، ورَجُلٍ يَقتُلُ مُتعمِّدًا فيُقتَلُ به، ورَجُلٍ يَخرُجُ منَ الإسلامِ فيُحارِبُ اللهَ ورسولَه فيُقتَلُ، أو يُصلَبُ، أو يُنفَى منَ الأرضِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني | الصفحة أو الرقم : 3087 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4353)، والنسائي (4048) باختلاف يسير، وأخرجه مسلم بعد حديث (1676) بنحوه
دَمُ المُسلِمِ على المُسلِمِ حَرامٌ؛ فلا يَحِلُّ إراقةُ دَمِ مُوحِّدٍ يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ، إلَّا بحقِّ اللهِ تَعالى، وقد ذَكَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحَديثِ ما يَحِلُّ به دَمُ المُسلِمِ، فقالَ: "لا يَحِلُّ قَتلُ امرِئٍ مُسلِمٍ"؛ فالمُسلِمُ مَحفوظُ الدَّمِ، ولا يَحِلُّ قَتلُه أبَدًا، "إلَّا في ثَلاثِ خِصالٍ"، أي: في حالةِ إتيانِه لإحْدَى ثَلاثِ فِعالٍ، إذا فَعَلَ واحِدةً منها فإنَّه يُقتَلُ إذا قامَتِ البَيِّنةُ الصَّحيحةُ على ذلك، وأوَّلُ هذه الخِصالِ: "زانٍ مُحصَنٌ، فيُرجَمُ" وهو المتَزوِّجُ، أو مَن سَبَقَ له الزَّواجُ، وارتَكَبَ فاحِشةَ الزِّنا، فإنَّهُ يُرجَمُ حتى الموتِ، "ورَجُلٌ يَقتُلُ مُتَعَمِّدًا، فيُقتَلُ به"؛ فمَن قَتَلَ نَفْسًا بغَيرِ حَقٍّ، فإنَّ القاتِلَ يُقتَلُ بها قِصاصًا، "ورَجُلٌ يَخرُجُ مِنَ الإسلامِ" وهو المُرتَدُّ الذي تَرَكَ دِينَ الإسلامِ وارتَدَّ عنه لِغَيرِه مِنَ الأديانِ، ففارَقَ جَماعةَ المُسلِمينَ؛ فإنَّه يَحِلُّ دَمُه بهذه الرِّدَّةِ. ثم فَصَّلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَدَّ الحِرابةِ لِمَن كَفَرَ، ثم أضافَ إلى كُفرِه أعمالًا سَيِّئةً أُخرى: "فيُحارِبُ اللهَ ورَسولَه، فيُقتَلُ"، فمَن كَفَرَ وارتَدَّ، وجَمَعَ مع كُفرِه مُحارَبةَ اللهِ ورَسولِه بقَطعِ الطَّريقِ وقَتلِ الناسِ، فإنَّه يُقتَلُ حَدًّا وعُقوبةً، وذلك إذا قَتَلَ فَقَطْ ولم يَأخُذْ مالًا، "أو يُصلَبُ" فيُقامُ مَنصوبًا مَربوطًا على الأعوادِ حَيًّا حتى يَموتَ، ويُصلَبُ نَكالًا لِغَيرِه، إنْ قَتَلَ وأخَذَ المالَ، وقيلَ: هاتانِ عُقوبَتانِ مُخَيَّرٌ فيهما الحاكِمُ لِمَن لم يَتُبْ، وأمسَكَ به وهو على حالِهِ مِنَ الكُفرِ والمُحارَبةِ. والعُقوبةُ الثالثةُ هي: "أو يُنْفى مِنَ الأرضِ"، قيلَ: النَّفيُ يكونُ لِمَن أخافَ الطَّريقَ دونَ أنْ يَعتَديَ على أحَدٍ في مالٍ أو دَمٍ، أو لِمَن تابَ قَبلَ أنْ يُقدَرَ عليه، أو لِمَن لم يُقدَرْ عليه، فإنَّه يُحكَمُ عليه أنْ يَظَلَّ طَريدًا مِن أرضِهِ ووَطَنِه؛ عُقوبةً له وتَغريبًا. واختَلَفوا في مَعنى النَّفيِ؛ فقيلَ: يُخرَجُ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، وقالَ بَعضُهم: إنَّه يُحبَسُ. وظاهِرُ الحَديثِ والآيةِ أيضًا: أنَّ الإمامَ مُخَيَّرٌ بَينَ هذه العُقوباتِ فِي كُلِّ مُحارِبٍ، مُسلِمًا كَانَ أَوْ كافِرًا. وفي الحَديثِ: احتِرامُ الدِّينِ الإسلاميِّ للنَّفْسِ المَعصومةِ. وفيه: أنَّ مَن خَرَجَ عنِ الإسلامِ فإنَّ قَتْلَه مُباحٌ، وهو مُهدَرُ الدَّمِ. وفيه: أنَّ المُحارِبَ للهِ ورَسولِه يُنَكَّلُ بهذا النَّكالِ مِنَ العُقوباتِ المُختَلِفةِ مِنَ القَتلِ والصَّلبِ والنَّفيِ مِنَ الأرضِ.