الموسوعة الحديثية


- أنَّه كان يُنكِرُ الاشْتِراطَ في الحَجِّ ويقولُ: أليس حَسبُكُم سُنَّةَ نَبيِّكُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني | الصفحة أو الرقم : 2490 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مطولاً البخاري (1810) باختلاف يسير، ومسلم (1230) بنحوه
بَنى الشَّرعُ أُمورَ العِباداتِ على القَدرِ والاستِطاعةِ، وعَدَمِ المَشَقَّةِ، ومِن ذلك الحَجُّ والعُمرةُ، فبَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَه وآدابَه فيمَن أُحصِرَ. وفي هذا الأثَرِ يَروي سالِمُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أنَّ أباه عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما "كانَ يُنكِرُ الاشتِراطَ في الحَجِّ"، والاشتِراطُ في الحَجِّ هو أنْ يَنويَ المُحرِمُ الحَجَّ، ويَقولَ: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حيثُ حَبَستَنِي؛ فإنِّي أكونُ حَلالًا حيثُ مَنعَني مانِعٌ مِن إتمامِ الحَجِّ والمَناسِكِ، وفائِدَتُه: أنَّ المُحرِمَ قد يَخشَى أنْ يَمنَعَه مانِعٌ مِن إتمامِ الحَجِّ، كالمَرَضِ ونَحوِه، فيُريدُ أنْ يَتحَلَّلَ مِنَ الحَجِّ إذا أتاه هذا المانِعُ دُونَ أنْ يَجِبَ عليه فِديةٌ أو قَضاءٌ. ويَقولُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: "أليس حَسبَكم سُنَّةُ نَبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟" والمَعنى: ألَا يَكفيكم ما جاءَ في سُنَّةِ نَبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والسُّنَّةُ المَقصودةُ هي ما وَرَدَ مِن تَكمِلةٍ لِهذه الرِّوايةِ -كما في صَحيحِ البُخاريِّ-: "إنْ حُبِسَ أحَدُكم عَنِ الحَجِّ، طافَ بالبَيتِ وبالصَّفا والمَروةِ، ثم حَلَّ"؛ فإنْ أُحْصِرَ أحَدُكم، ومُنِعَ عَنِ الوُقوفِ بِعَرَفةَ لِعُذرٍ مِنَ الأعذارِ الشَّرعيَّةِ، ولكنَّه تَمَكَّنَ مِن دُخولِ مَكَّةَ، فإنَّ عليه أنْ يَتحَلَّلَ بِعُمرةٍ فيَطوفَ بالبَيتِ، ويَسعَى بَينَ الصَّفا والمَروةِ، ثم يَخلَعَ ثِيابَ إحرامِه، فَيُصبِحَ حَلالًا، يَحِلُّ له كُلُّ شَيءٍ، حتى النِّساءُ، كما قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ثم حَلَّ مِن كُلِّ شَيءٍ"، أي: تَحلَّلَ مِن جَميعِ مَحظوراتِ الإحرامِ "حتى يَحُجَّ عامًا قابِلًا فيُهدِيَ أو يَصومَ إنْ لم يَجِدْ هَدْيًا"، فيَستَمِرَّ مُتَحلِّلًا مِن إحرامِه حتى يَقضيَ حَجَّهُ مِنَ العامِ القادِمِ، ويَذبَحَ هَدْيًا، وإنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ صَامَ. وهذا قياسٌ مِنَ ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، حيثُ جَعَلَ حُكمَ الحَجِّ والعُمرةِ في الإحصارِ سَواءً؛ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُحصَرْ في حَجٍّ، إنَّما حُصِرَ في عُمرةٍ؛ فقاسَ ابنُ عُمَرَ الحَجَّ على العُمرةِ. والاشتِراطُ في الحَجِّ وَرَدَ في السُّنَّةِ الصَّحيحةِ في الحَديثِ المُتَّفَقِ عليه عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها قالتْ: "دَخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ضُباعةَ بِنتِ الزُّبَيرِ، فقالتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُريدُ الحَجَّ وأنا شاكيةٌ، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: حُجِّي واشتَرِطي أنَّ مَحِلِّي حَيثُ حَبَستَني".