الموسوعة الحديثية


- نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيْعِ الثَّمَرةِ حتى يَتَبيَّنَ صَلاحُها، أو يُباعَ صُوفٌ على ظَهرٍ، أو لَبنٌ في ضَرعٍ، أو سَمنٌ في لَبنٍ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني | الصفحة أو الرقم : 2835 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كانَ بالجاهِليَّةِ بُيوعٌ تَشتَمِلُ على غَرَرٍ وجَهالةٍ، ورُبَّما تُضِرُّ بالبائِعِ أوِ المُشتَري، ولَمَّا جاءَ الإسلامُ نَهى عن كُلِّ بَيعٍ يُؤدِّي بأحَدِ الطَّرفَيْنِ إلى ضَرَرٍ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: "نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تُباعَ الثَّمَرةُ حتى يَتبيَّنَ صَلاحَها"، أي: حتى تَطيبَ وتَنضَجَ، فيَغلِبَ فيها سَلامَتُها مِنَ العُيوبِ، بخِلافِ ما إذا بِيعَ قَبلَ ذلك؛ فقد لا يَسلَمُ الثَّمَرُ مِنَ الآفَةِ؛ فيَكونُ فيه نَوعٌ مِنَ الغَرَرِ، فرُبَّما اشتَرَى المُشتَري قَبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ والنُّضجِ، ثم يَتلَفُ الثَّمَرُ على الشَّجَرِ، أو يَقِلُّ الناتِجُ فيُضَرُّ المُشتَري، أو يَزيدُ زيادةً كَبيرةً فيَتَضرَّرُ البائِعُ. وهذا مُختَلِفٌ عن بَيعِ العَرايا، الذي رَخَّصَ فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو بَيعُ ثَمَرِ النَّخلةِ التي أرطَبَ بَلَحُها، ويُريدُ مَن ليس لدَيهِ نَخلٌ شِراءَها لِيَأكُلَها رُطَبًا، فتُباعُ بِخَرْصِها، أيْ: تُباعُ بَعدَ مَعرِفةِ ما تَحمِلُه مِنَ الثَّمَرِ، وتَقديرِه كَيْلًا، ويُعطَى صاحِبُ النَّخلِ المِقدارَ نَفْسَه مِنَ التَّمرِ الجافِّ، وهذا البَيعُ مُستَثنًى مِنَ النَّهيِ؛ فيُمكِنُ بَيعُ الثَّمَرِ على رُؤُوسِ النَّخلِ. وقيلَ: العَريةُ هي: النَّخلةُ التي تُعطَى لِلمَساكينِ؛ لِأنَّهم لا يَستَطيعونَ الحُصولَ على الرُّطَبِ. ونهى أيضًا أنْ " يُباعَ صُوفٌ على ظَهرٍ"، والصوفُ هو الوَبَرُ الذي يَكونُ على ظَهرِ الإبِلِ أوِ الغَنَمِ؛ وإنَّما نهَى عن بيعِه لأنَّه مَجهولُ القَدْرِ والقِيمةِ، "أو لَبَنٌ في ضَرعٍ"، وهو اللَّبَنُ المُتجَمِّعُ في ضَرعِ الحَيَوانِ قَبلَ أنْ يُحلَبَ ويُقَدَّرَ ويُعرَفَ قَدْرُه، "أو سَمْنٌ في لَبَنٍ"؛ لِأنَّه مَجهولُ القَدْرِ والقِيمةِ والجَودةِ كذلك قَبلَ أنْ يُستَخرَجَ ويُستَخلَصَ مِنَ اللَّبَنِ، وكُلُّ هذا فيه غَرَرٌ وجَهالةٌ لِلقَدْرِ والقِيمةِ الحَقيقيَّةِ، فإذا حَصَلَ البَيعُ بهذه الصُّوَرِ يَحصُلُ الضَّرَرُ لِلبائِعِ أو لِلمُشتَري، فيَحصُلَ الشِّقاقُ بَينَهما، وكُلُّ هذا ليس مِن مَقاصِدِ الشَّرعِ في البُيوعِ، بل يَقومُ على الوُضوحِ والبَيانِ، ومَعرِفةِ المَبيعِ قَدْرًا وقيمةً وجَودةً. وفي الحَديثِ: حِفظُ الإسلامِ لِلحُقوقِ، ومَنعُه أسبابَ التَّشاحُنِ بَينَ الناسِ.