الموسوعة الحديثية


- أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ فقال له: إنَّ أبي ماتَ وعليه حَجَّةُ الإسلامِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال: أرأيتَ لو أنَّ أباكَ ترَكَ دَينًا عليه أقَضَيتَه عنه؟ قال: نَعم، قال: فاحْجُجْ عن أبيكَ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني | الصفحة أو الرقم : 2609 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ، وفي حَجَّةِ الوَداعِ وَقَعتْ مَسائِلُ أجابَ عنها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وزادَتْ أُمورَ الحَجِّ تَوضيحًا وبَيانًا. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: "أتَى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ، فقال له: إنَّ أبي ماتَ وعليه حَجَّةُ الإسلامِ"، والمُرادُ بها: حَجُّ الفَريضةِ، وقد جُعِلَ عليه الحَجُّ هنا لِبُلوغِ الرَّجُلِ حَدَّ الاستِطاعةِ والقُدرةِ على الحَجِّ في حَياتِه، ولم يُؤَدِّه حتى ماتَ، فمِثلُه فُرِضَ عليه الحَجُّ، أمَّا الذي لم يَبلُغْ حَدَّ الاستِطاعةِ فالحَجُّ ساقِطٌ عنه، وإنْ ماتَ على ذلك، "أفأحُجُّ عنه؟"؛ نِيابةً عنه، "قالَ: أرأيتَ لو أنَّ أباكَ تَرَكَ دَيْنًا عليه"، مالًا عليه لِغَيرِه، "أقَضَيتَه عنه؟"، دفَعتَ للنَّاسِ حُقوقَهم بَعدَ مَوتِ أبيكَ؛ لِتَعَلُّقِ حُقوقِهم في رَقَبَتِه، "قال: نَعَمْ. قال: فاحْجُجْ عن أبيكَ"، ويُشيرُ بذلك إلى أن الحَجَّ الذي وَجَبَ عليه قَبلَ مَوتِه كالدَّينِ في رَقَبَتِه، ويَلزَمُ أداؤُه عنه؛ فكما أنَّ الدَّينَ لا يَسقُطُ بالمَوتِ، فكذلك الحَجُّ؛ فوَجَبَ أنْ يَتَساوَيا في الحُكمِ، وهو الأداءُ. وهذا مِن تَيسيرِ الشَّريعةِ على الناسِ، وحَثِّ الأبناءِ على البِرِّ بآبائِهم بَعدَ مَوتِهم، وقَضاءِ ما يُمكِنُ قَضاؤُه عنهم بَعدَ مَوتِهم مِمَّا رَخَّصَ فيه الشَّرعُ، كأداءِ الدُّيونِ، وأداءِ الحَجِّ والعُمرةِ عنهم لِمَنِ استَطاعَ. وعلى مَن أرادَ الحَجَّ عن غَيرِه أنْ يكونَ حجَّ عن نَفْسِه أوَّلًا حَجَّةَ الإسلامِ، ثم يَحُجَّ عن غَيرِه في أعوامٍ مُقبِلةٍ.