الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجُلًا من كِلابٍ سأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَسْبِ الفَحلِ، فنَهاه، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نُطرِقُ الفَحلَ فنُكرَمُ، فرخَّصَ له في الكَرامةِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 19/461 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (1274) واللفظ له، والنسائي (4672)
أحَلَّ اللهُ لعِبادِهِ الطَّيِّباتِ، وحرَّمَ عليهِمُ الخَبائِثَ مِن كُلِّ شَيءٍ وفي كُلِّ شَيءٍ؛ في المَطْعَمِ والمَشْرَبِ، والمَكْسَبِ والتِّجارةِ، وغيرِ ذلك، كما حَثَّ الشَّرْعُ الإنسانَ المُسلِمَ على أنْ يكونَ كَريمَ النَّفْسِ، مُتَرفِّعًا عَنِ الدَّنايَا.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رَجُلًا من قَبيلةِ كِلابٍ "سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَسْبِ الفَحلِ، فنَهاهُ"، والفَحلُ الذَّكَرُ من كلِّ حَيوانٍ، فَرَسًا كان، أو جمَلًا، أو تَيْسًا، أو غيرَ ذلك، والمُرادُ: أخْذُ أُجْرةٍ مُحَدَّدةٍ على تَلْقيحِه للإناثِ، وصُورتُه: أنْ يُعْطيَ أحدٌ فَحْلَه مِنَ البقرِ أو الإبلِ لِغيرِه ممَّنْ يَملِكُ إناثًا، فيُبقِيَه عندَه حتَّى يُلَقِّحَ الإناثَ، وقَدْ نَهى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك؛ لأنَّه مَجهولٌ، وفيه غَرَرٌ، فلا يُدْرى أيُنتفَعُ به أمْ لا، فقد تُلقَّحُ الأُنْثى، وقد لا تُلقَّحُ، فهو أمرٌ مَظْنونٌ، وقد يُحمَلُ النهْيُ على الحثِّ على مَكارمِ الأخْلاقِ والنَّدبِ إلى إعارتِه دونَ مُقابِلٍ؛ لِيَكثُرَ التَّناسُلُ في الحَيوانِ، وأنَّ مِثلَ هذا يَنبَغي للمُسلِمينَ أنْ يَتباذَلوهُ بينَهم؛ لأنَّه من جِنسِ الماعونِ، فتَشِيعُ رُوحُ التَّعاوُنِ والتَّرابُطِ بينَ النَّاسِ، فقال الرجُلُ: "يا رسولَ اللهِ، إنَّا نُطرِقُ الفَحلَ فنُكرَمُ" فيُعْطينا صاحبُ الأُنْثى شيئًا بطريقِ الهَديَّةِ والكَرامةِ لا على سَبيلِ المُعاوَضةِ، "فرخَّصَ له في الكَرامةِ"، أي: فأباحَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَبولَ الهَديَّةِ لذلك .