الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا قال : يا رسولَ اللهِ رأيتُ كأنَّ مِيزانًا دُلِّي مِنَ السماءِ فَوُزِنْتَ فيه أنت وأبوبكرٍ فَرَجَحْتَ بأبي بكرٍ ثم وُزِنَ فيه أبوبكرٍ وعمرُ فَرَجَحَ أبو بكرٍ بعمرَ ثم وُزِنَ فيه عمرُ وعثمانُ فَرَجَحَ عمرُ بعثمانَ ثم رُفِعَ الميزانُ فاسْتآلهَا يعني تَأَوَّلَها ثم قال : خِلافَةُ نُبُوَّةٍ ثم يُؤتِي اللهُ الملكَ مَنْ يَشاءُ
الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة | الصفحة أو الرقم : 1135 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
الرُّؤيا الصَّالحةُ التي يَراها المؤمنُ أو تُرَى له مِن مُبشِّراتِ النبوَّةِ، وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَهتَمُّ بالرُّؤى، وكان -كما في الصحيحينِ- كثيرًا ما يَسأَلُ أصْحابَه: هل رأى أحَدٌ منكم رُؤيا؟ فإنْ رَأى أحَدٌ رُؤيا فسَّرَها له.
وفي هذا الحديثِ يَروي أبو بَكْرةَ نُفَيْعُ بنُ الحارثِ الثَّقَفيُّ رَضِي اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ، رأيتُ كأنَّ ميزانًا دُلِّيَ مِن السماءِ" أُنْزِلَ منها، "فوُزِنتَ فيه أنت وأبو بَكْرٍ، فرجَحتَ بأبي بَكْرٍ"؛ بمعنى أنَّه وُضِع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كِفَّةٍ مِن الميزانِ، وأبو بَكْرٍ في الكِفَّةِ الأُخرى؛ فثقُلَتْ كِفَّةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومالَتْ عن كِفَّةِ أبي بكْرٍ، فكانتْ كِفَّةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هي الأثقَلَ والأرجَحَ، " ثمَّ وُزِنَ فيه أبو بكرٍ وعُمَرُ، فرجَحَ أبو بكرٍ بعُمَرَ"، أي: ثقُلَتْ كِفَّةُ أبي بكْرٍ ومالَتْ عن كِفَّةِ عُمَرَ، "ثمَّ وُزِنَ فيه عُمَرُ وعثمانُ، فرجَحَ عُمَرُ بعثمانَ"، أي: ثقُلَتْ كِفَّةُ عُمَرَ عن كِفَّةِ عثمانَ ومالَتْ في الميزانِ، فكانتْ أرجَحَ وأثقَلَ، "ثمَّ رُفِع الميزانُ" إلى السماءِ، ولم يُوزَنْ أحدٌ بعدَ ذلك، "فاستاءَ لها -يعني تأوَّلَها-"، وفي رِوايةِ أبي داودَ والتِّرمذيِّ: "فرأَيْنا الكراهيةَ في وجهِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، والمعنى أنَّ علاماتِ الحُزنِ والأسَفِ ظهَرتْ على وجْهِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكأنَّه ساءَه ما سَمِعَ مِن رفْعِ الميزانِ؛ وذلك لِما عَلِمَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أنَّ تأويلَ رفعِ الميزانِ هو ظهورُ الفِتَنِ بعدَ خلافةِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عنه.
"ثمَّ قال: خلافةُ نبوَّةٍ، ثمَّ يُؤتي اللهُ المُلكَ مَن يشاءُ"، وهذا هو تأويلُ الرُّؤيا؛ أنَّ اللهَ سيَجعَلُ بعدَ موتِ نبيِّه خلافةً راشدةً على مِنهاجِ النبوَّةِ في عَهدِ أبي بكرٍ وعُمَرَ، ثمَّ تَبدأُ الفِتَنُ بعدَ موتِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عنه، ثمَّ تولِّي عُثمانَ رَضِي اللهُ عنه الخِلافةَ، وقد كان ذلك؛ فظهَرَتِ الفِتنةُ الكُبرى بالخروجِ عليه ثمَّ قَتلِه رَضِي اللهُ عنه، ثمَّ ظهَرتْ بوادرُ الشِّقاقِ والخُروجِ على الخُلفاءِ في أيَّامِ خِلافةِ عليٍّ رَضِي اللهُ عنه، ثمَّ ظهَرَ بعدَه الـمُلكُ العَضُوضُ، وهو الـمُلكُ الخبيثُ الشَّرسُ الذي فيه عسْفٌ وظُلمٌ للرعيَّة، والذي كان أيَّامَ دولةِ بَني أُميَّةَ وبَني العبَّاسِ، ثمَّ تفرَّقَتِ الأُمَّةُ إلى دُوَيلاتٍ، ونالَها وعدُ اللهِ. والمُلكُ الجَبريُّ هو: الذي يُجبَرُ فيه الناسُ ويُكرَهون على ما لا يُريدون تَعسُّفًا وظُلمًا.
وفي الحديثِ: بيانُ مَنقَبةٍ لبعضِ الصحابةِ الكرامِ.
وفيه: أنَّ الرُّؤيا الصالحةَ يكونُ فيها التبشيرُ أو الإنذارُ مِن اللهِ لعبادِه، ولكنْ مَن يُحسِنُ التأويلَ؟! .