الموسوعة الحديثية


- فرَغ اللهُ إلى كلِّ عبدٍ مِن خَمْسٍ : مِن رِزقِه وأجَلِه وعمَلِه وأثَرِه ومَضجَعِه
الراوي : أبو الدرداء | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6150 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

فَرَغَ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى كلِّ عبدٍ من خمْسٍ : من أجلِهِ ، ورِزقِهِ ، وأثَرِهِ ، ومَضجَعِهِ ، وشقِيٍّ أوْ سعيدٍ
الراوي : أبو الدرداء | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 4201 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أحمد (21723)، وابن حبان (6150)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3120) باختلاف يسير.


كُلُّ شَيءٍ خلقَهُ اللهُ مُقدَّرٌ كائِنٌ كما أرادَ سُبْحانَهُ وتَعالى؛ فما مِن شَيءٍ يَجْري في مَلَكوتِهِ إلَّا بِقَدَرِهِ وعِلمِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فرَغَ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى كُلِّ عَبدٍ من خَمسٍ"، بمَعْنى أنَّ قَدَرَهُ وقَضاءَهُ عزَّ وجلَّ قد نَفِذَ فيما يَتعلَّقُ بالمَخْلوقِ في هذه الخَمْسِ، الأوَّلُ: "من أجَلِهِ"، وهو عُمرُهُ ومَوعِدُ وَفاتِهِ، فلا يَزيدُ فيه ولا يَنقُصُ، والثَّاني: "ورِزْقِهِ"، وذلِكَ بتَقْديرِهِ قَليلًا أمْ كَثيرًا، "وأثَرِهِ"، وهو أثَرُ مَشْيِهِ في الأرْضِ، كما قالَ تَعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]، "ومَضْجَعِهِ"، وهو سُكونُهُ وحَرَكتُهُ ومَحِلُّ مَوتِهِ ومَدفَنِهِ، وجمَعَ بيْنَ الأثَرِ والمَضْجَعِ لِيَشمَلَ جَميعَ أحْوالِهِ، "وشَقيٍّ أو سَعيدٍ"، وهو أنَّ كُلَّ إنسانٍ مَكتوبٌ أنَّه شَقيٌّ أو سَعيدٌ مِن الأزَلِ؛ فالأشقِياءُ هُمُ الَّذين كَفَروا باللهِ، وكَذَّبوا رُسُلَهُ، وعَصَوْا أمْرَهُ، والسُّعداءُ هُمُ المُؤمِنونَ المُتَّقونَ.
والمُرادُ أنَّه تَعالى قد عَلِمَ ما يَختارُهُ العَبدُ لِنَفسِهِ مِنَ الشَّقاوةِ والسَّعادةِ؛ فالحَقُّ سُبْحانَهُ هيَّأَ الخيرَ لأصْحابِ السَّعادةِ، وهيَّأَ لهم أسْبابَها، وهيَّأَ الشَّرَّ لأصْحابِ الشَّقاءِ، وهيَّأَ لهم أسْبابَها؛ وذلِكَ لأنَّ الخَيرَ والشَّرَّ أوضَحَهُ اللهُ للجَميعِ، فكُلٌّ يَعمَلُ ويَخْتارُ ما يُريدُ، فمَنِ اخْتارَ عمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ وفَّقَهُ اللهُ لذلِكَ، ثُمَّ أدخَلَهُ الجَنَّةَ، وهو يَعْلَمُ أزَلًا أنَّه مِنْ أهْلِها، وكذلِكَ مَنِ اخْتارَ لِنَفْسِهِ عمَلَ أهْلِ النَّارِ تَرَكهُ اللهُ حتَّى يُدْخِلَه النَّارَ يومَ القيامةِ، وهو سُبْحانَه يَعْلَمُ أزَلًا أنَّه سيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ.
وهذا الحَديثُ إخْبارٌ عن سابِقيَّةِ عِلمِهِ تَعالى بأحْوالِ الإنسانِ وتَقْديرِهِ لأُمورِ خَلْقِهِ( ).