الموسوعة الحديثية


- مَن حلَف على يَمينٍ لِيقتطِعَ بها مالَ امرئٍ مُسلِمٍ لقيَ اللهَ تعالى، وهو عليه غَضبانُ، ثمَّ قرَأ علينا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن كتابِ اللهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآيةَ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 442 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم | التخريج : أخرجه البخاري (2356)، ومسلم (138) باختلاف يسير

مَن اقتطَعَ مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ بغيرِ حَقٍّ لَقيَ اللهَ وهو عليه غَضبانُ، قال: فجاء الأشعَثُ بنُ قَيسٍ، فقال: ما يُحدِّثُكم أبو عبدِ الرَّحمنِ؟ قال: فحَدَّثْناه، قال: فيَّ كان هذا الحَديثُ؛ خاصَمتُ ابنَ عَمٍّ لي إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بِئرٍ كانتْ لي في يدِه، فجَحَدَني، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَيِّنتُكَ أنَّها بِئرُكَ، وإلَّا فيَمينُه، قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما لي بَيِّنةٌ، وإنْ تَجعَلْها بيَمينِه تَذهَبْ بِئري؛ إنَّ خَصمي امرُؤٌ فاجرٌ، قال: فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن اقتطَعَ مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ بغيرِ حَقٍّ، لَقيَ اللهَ وهو عليه غَضبانُ، قال: وقَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه الآيةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ...}  الآيةَ [آل عمران: 77].
الراوي : عبدالله بن مسعود والأشعث بن قيس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 21848 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه البخاري (2669، 2670)، ومسلم (138)، وأبو داود (3243)، والترمذي (1269)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (11062) بنحوه، وابن ماجه (2323) مختصراً، وأحمد (21848) واللفظ له


أكْلُ أمْوالِ النَّاسِ بالباطِلِ مِن أعظَمِ الحُرُماتِ؛ حيثُ عَظَّمَ اللهُ عُقوبَتَه في كِتابِه الكَريمِ، وحَذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ذلك الذَّنْبِ تَحذيرًا شَديدًا.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَنِ اقْتَطَعَ مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ بغَيرِ حَقٍّ" وهو أخْذُ حَقِّ أخيهِ المُسلِمِ دُونَ وَجْهِ حَقٍّ، "لَقِيَ اللهَ وهو عليه غَضْبانُ"، أي: يَكونُ جَزاؤُه أنْ يُعامِلَه اللهُ يَومَ القِيامةِ مُعامَلةَ المَغضوبِ عليه، مِن كَونِه لا يَنظُرُ إليه ولا يُكَلِّمُه. وصِفةُ الغَضبِ للهِ عزَّ وجلَّ ثابتةٌ له على الوَجهِ الَّذي يَليقُ بجلالِه وعَظمتِه، ولا تُشبَّهُ بغَضبِ المَخلوقينَ؛ ليس كمِثْلِه شيءٌ وهو السَّميعُ البصيرُ.
قال التَّابِعيُّ أبو وائِلٍ شَقيقُ بنُ سَلَمةَ، أحَدُ رُواةِ الحَديثِ: "فجاءَ الأشعَثُ بنُ قَيسٍ" وهو مِن أصْحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فقالَ: ما يُحَدِّثُكم أبو عَبدِ الرَّحمنِ؟" وهذه كُنيةُ عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قالَ أبو وائِلٍ: "فحَدَّثْناه"، أي: أخْبَرْناه بهذا الحَديثِ، "فقالَ لهمُ الأشعَثُ رَضِيَ اللهُ عنه: فِيَّ كانَ هذا الحَديثُ"، أي: قالَه الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَبَبِ واقِعةٍ حَدَثتْ معي؛ "خاصَمتُ ابنَ عَمٍّ لي إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: تَحاكَمْنا إليه، "في بِئرٍ كانت لي في يَدِه"، أي: كانتِ البِئرُ في تَصَرُّفِ ابنِ عَمِّه، ولكِنَّها كانت في الأصلِ مِلْكًا لِلأشعَثِ، "فجَحَدَني"، أي: أنكَرَ كَونَها مِلْكًا لي، "فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَيِّنَتَكَ أنَّها بِئرُكَ"، والبَيِّنةُ تَكونُ بالشُّهودِ، أو ما يُثبِتُ مِلْكَكَ لها، "وإلَّا فيَمينُه"، فيَحلِفُ الخَصمُ الآخَرُ أنَّها ليست لكَ، وأنَّها تَحتَ يَدِه وفي مِلكِه وتَصَرُّفِه؛ لِأنَّه الحائِزُ لها، "قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما لي بَيِّنةٌ، وإنْ تَجعَلْها بيَمينِه تَذهَبْ بِئري"، أي: تَضِعْ مِنِّي، "إنَّ خَصْمي امرُؤٌ فاجِرٌ"، أي: لا يُبالي بالحَلِفِ، وسَيَحلِفُ كاذِبًا، ويَذهَبُ بالبِئرِ، "قالَ: فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَنِ اقتَطَعَ مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ بغَيرِ حَقٍّ، لَقِيَ اللهَ وهو عليه غَضْبانُ"، قالَ الأشعَثُ رَضِيَ اللهُ عنه: "وقَرَأَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه الآيةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]، أي: إنَّ الَّذين يَستبدِلون بما عَهِدَ الله إليهم من الإيمانِ بمحمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأداءِ الأمانةِ، ويَستبدلون بالحَلِفِ باللهِ كذبًا استِحلالًا لِمَا حرَّم الله عليهم من أموال النَّاس، يَستبدلون بذلك ويأخذونَ به عِوَضًا قليلًا، وبدلًا يسيرًا خسيسًا من حُطام الدُّنيا، فينكُثون عهدَ الله، ويَحلِفون كذبًا من أجْل ذلك؛ الَّذين يَفعلون ذلك لا حظَّ لهم مِن الخيرِ يومَ القِيامةِ، ولا نَصيبَ لهم منه، ولا يُكلِّمهم اللهُ يومَ القِيامةِ تَكليمَ رضًا، أو كَلامًا يَسُرُّهم، ولكنَّه يُكلِّمهم تكليمَ إهانةٍ وغضبٍ وسَخَطٍ، ولا يَنظُر إليهم نظَرَ رحمةٍ وعَطفٍ ولا نَظرًا يَسُرُّهم، ولا يُطَهِّرهم من ذُنوبهم وكُفرهم ممَّا تلوَّثوا به في الدُّنيا، ولهم عذابٌ مُؤلِمٌ موجِعٌ.
وفي الحَديثِ: التَّغليظُ والتَّحذيرُ في استِحلالِ حُقوقِ النَّاسِ بغَيرِ وَجْهِ حَقٍّ.
وفيه: أنَّ المالَ المُقتَطَعَ مِنَ المُسلِمِ بغَيرِ وَجهِ حَقٍّ؛ لا يُبارِكُ اللهُ فيه .