الموسوعة الحديثية


- أتيتُ ليلةَ أُسريَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمقاريضَ من نارٍ ، كلما قرُضِتْ وفَتْ ، فقلتُ يا جبريلُ مَن هؤلاءِ ؟ قال : خطباءُ أُمَّتِك الذين يقولون ما لا يفعلون ، و يقرأون كتابَ اللهِ و لا يعملون به
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 129 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (1773)، والخطيب في ((اقتضاء العلم والعمل)) (ص73) باختلاف يسير.

قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَرَرتُ ليلةَ أُسريَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قلتُ: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء خُطباءُ مِن أهلِ الدُّنيا، كانوا يَأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ، ويَنسَوْنَ أنفُسَهم وهُم يَتلونَ الكِتابَ، أفلا يَعقِلون؟
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 12856 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أحمد (12856) واللفظ له، وابن أبي شيبة (37731)، وأبو يعلى (3996)


رِحلَةُ الإسراءِ والمِعراجِ من المُعجزِات العَظيمَةِ التي أيَّد بها الله عز وجل نبيَّه محمدًا صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ؛ فأكرَمَه الله وأصعَدَهُ مع جِبريَل إلى السَّمواتِ العُلَى حتى إنَّه أراه الجنَّةَ والنَّارَ وصِفاتِ من يَدخُلُهما.
وفي هذا الحديث يقولُ النبي صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ: "مَرَرتُ ليلَةَ أُسرِيَ بي" والإسراءُ هو السَّفَرُ لَيلًا، والمَعنَى: رَأَيتُ وأبصَرتُ في السَّماءِ الدُّنيا -كما جاء في رِوايَةِ البَيهقَيِّ- يومَ أنْ أَسرَى الله عزَّ وجلَّ بي وكان مِمَّا رَآهُ أنْ أطلَعَه اللهُ عز وجل على نارِ جَهَنَّمَ، "على قَومٍ تُقْرَضُ شِفاهُهُم" أي: أنَّ هؤلاءِ كانوا يُعَذَّبون، وصِفةُ عَذابِهِم: أنَّهُم تُقطَعُ ألسِنَتُهم وشِفاهُهُم "بمَقاريضَ من نارٍ"، والمَقاريضُ: جَمعُ مِقراضٍ، وهي آلةُ قَطعٍ مَعروفةٌ كالمِقَصِّ الآنَ، "قُلتُ: ما هؤلاءِ؟" فلمَّا رآهُم وهالَهُ حالُهُم، واستَنكَرَهم ولم يَعرِفْهم، سأل عنهم جِبريلَ، وهو المَلَكُ المصاحِبُ له في تِلكَ الرِّحلَةِ، كما جاء في الرِّواياتِ، وإنَّما قَصَد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ مَعرِفَةَ أصنافِهِم وسَبَبَ عَذابِهِم لا أسماءَهُم، وكأنَّه سَأَلَ: أيُّ صِنفٍ هؤلاءِ الناسَ؟ فأجابَه جِبريلُ عليه السَّلامُ بقَولِه: "هؤلاءِ خُطباءُ من أهلِ الدُّنيا" والمَعنَى: أنَّ هؤلاءِ بعضُ الخُطَباءِ والوُعَّاظِ في الدُّنيا، والخُطَباءُ جَمعُ خَطيبٍ؛ وهو المُتكَلِّمُ عن قَومِه المُتحَدِّثُ بلِسانِهِم؛ فهم عُلَماؤُهُم ووُعَّاظُهم ومَشايِخُهم، "كانوا يَأمُرون النَّاسَ بالبِرِّ ويَنسَون أنفُسَهُم وهم يَتلون الكِتابَ، أفلا يَعقِلون؟"؛ فبَيَّن له جِبريلُ عَلَيه السَّلامُ أنَّ سَبَبَ تَعذبيهِم هذا العذاب، هو: أنَّهُم يَقولُون ما لا يَفعَلون، ويَقرَؤُون كِتابَ الله ويَعرِفون أَوامِرَه ونَواهِيَه ولا يَعمَلون به، ولو كانوا يُفَكِّرون بعُقولِهم ويَفهَمون مَعاِنَي ما يَقولُونه حقَّ الفَهمِ لَعَمِلوا به وما خالَفُوه.
وفي الحديث: تَحذيرٌ وتَرهيبٌ وزْجرٌ شديدٌ للخُطَباءِ وغيرِهم ممَّنْ يَترُكونَ البِرِّ الذي يَأمُرون به غَيرَهم، أو يَأتونَ المُنكَرَ مع نَهيهِم لغيرهم عنه( ).