الموسوعة الحديثية


- قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مرَضِه الَّذي مات فيه : ( صُبُّوا علَيَّ مِن سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوكِيَتُهنَّ لعَلِّي أستريحُ فأعهَدَ إلى النَّاسِ ) قالت عائشةُ : فأجلَسْناه في مِخْضَبٍ لِحفصةَ بنتِ عُمَرَ مِن نُحاسٍ فسكَبْنا عليه الماءَ حتَّى طفِق يُشيرُ إلينا أنْ قد فعَلْتُنَّ ثمَّ خرَج إلى المسجدِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6600 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

 أنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واشْتَدَّ به وجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أزْوَاجَهُ أنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِي، فأذِنَّ له، فَخَرَجَ وهو بيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ في الأرْضِ، بيْنَ عَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ وبيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فأخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ لي عبدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ: هلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الذي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هو عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ. وكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُحَدِّثُ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا دَخَلَ بَيْتي واشْتَدَّ به وجَعُهُ، قَالَ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِن سَبْعِ قِرَبٍ، لَمْ تُحْلَلْ أوْكِيَتُهُنَّ؛ لَعَلِّي أعْهَدُ إلى النَّاسِ، فأجْلَسْنَاهُ في مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عليه مِن تِلكَ القِرَبِ، حتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إلَيْنَا بيَدِهِ: أنْ قدْ فَعَلْتُنَّ. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ إلى النَّاسِ فَصَلَّى بهِمْ وخَطَبَهُمْ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4442 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

كانت أمُّ المؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أحَبَّ أزْواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه، ومات صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بيْتِها رَضيَ اللهُ عنها.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا اشتَدَّ به المرَضُ في مرَضِه الأخيرِ الَّذي مات فيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان في السَّنةِ الحاديةَ عَشْرةَ مِن الهِجْرةِ، استأذَنَ أزْواجَه أنْ يُمرَّضَ ويَتلَقَّى الرِّعايةَ في بَيتِها، فوافَقْنَ، فخرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وكان في بيتِ أمِّ المؤمِنينَ مَيْمونةَ بنتِ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنها- إلى بيتِ أمِّ المؤمِنينَ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها بيْنَ رَجلَيْنِ يَمْشي مُتَثاقِلًا، فتُؤثِّرُ رِجْلاه في الأرضِ، كأنَّها تَخُطُّ خطًّا؛ مِن ثِقَلِ وشدَّةِ مَرضِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذانِ الرَّجلانِ هما العَبَّاسُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ، وعَليُّ بنُ أبي طالِبٍ، كما أخبَرَ ابنُ عَبَّاسٍ رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعينَ.
وكانت أمُّ المؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها تُخبِرُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا استقَرَّ في بيْتِها واشتَدَّ وَجَعُه ومرَضُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، طلَبَ منهم أنْ يَصُبُّوا عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن سَبعِ قِرَبٍ مِن الماءِ -والقِرْبةُ هي الإناءُ الَّذي يُستَسْقى به الماءُ- لم يُحَلَّ الرِّباطُ الَّذي يُربَطْنَ به؛ وكان ذلك منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على وَجهِ التَّداوي؛ لأنَّ الماءَ البارِدَ في بعضِ الأمْراضِ -لا سيَّما الحُمَّى- تُرَدُّ به القوَّةُ، وقدْ طلَبَ ذلك صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليَقْوى على الخُروجِ إلى النَّاسِ فيُوصيَهم، والحِكْمةُ في أمْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تكونَ القِرَبُ لم تُحَلَّ أربِطَتُها؛ لكَونِه أبلَغَ في طَهارةِ الماءِ، وصَفائِه لعدَمِ مُخالَطةِ الأيْدي.
فجاؤوا بالماءِ، وأعَدُّوه، وأجْلَسوه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مِخضَبٍ -وهو وِعاءٌ مِن نُحاسٍ- كان لأمِّ المؤمِنينَ حَفْصةَ رَضيَ اللهُ عنها، وصَبُّوا عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الماءَ، حتَّى جعَلَ يُشيرُ إليهم بيَدِه: أنْ قدْ فَعلْتُنَّ ما أمَرتُكُنَّ به مِن صَبِّ الماءِ، ثمَّ خرَجَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى النَّاسِ مِن بيتِ أمِّ المؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، فصَلَّى بالنَّاسِ وخطَبَ فيهم.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ أمِّ المؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها.
وفيه: استِئْذانُ الرَّجلِ لزَوْجاتِه في أنْ يُداوى في بَيتِ مَن يُريدُ منهُنَّ.
وفيه: فَضيلةُ العبَّاسِ بنِ عبدِ المُطلَّبِ وعَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفيه: بشَريَّةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه يَعْتَريه ما يَعْتَري البشَرَ؛ مِن الصِّحَّةِ والمرَضِ، والقوَّةِ والضَّعفِ، وصَبرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَحمُّلُه شدَّةَ الألَمِ، وحِرصُه على تَعْليمِ أُمَّتِه وإرْشادِهم برَغمِ شدَّةِ مَرضِه.
وفيه: طلَبُ التَّداوي، والأخْذُ بأسبابِ الشِّفاءِ.