الموسوعة الحديثية


- لمَّا كان يومُ الاثنَيْنِ كشَف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُترةَ الحُجرةِ فرأى أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضِي اللهُ عنه وهو يُصَلِّي بالنَّاسِ قال : فنظَرْتُ إلى وجهِه كأنَّه ورقةُ مُصحَفٍ وهو يبتسِمُ فكِدْنا أنْ نفتَتِنَ في صلاتِنا فرَحًا برؤيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأراد أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه أنْ ينكِصَ حينَ جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأشار إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : كما أنتَ ثمَّ أرخى السِّترَ وتُوفِّي مِن يومِه ذلك فقام عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه فقال : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمْ يمُتْ ولكنَّه أُرسِل إليه كما أُرسِل إلى موسى فمكَث في قومِه أربعينَ ليلةً واللهِ إنِّي لَأرجو أنْ يعيشَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى يقطَعَ أيديَ رِجالٍ مِن المُنافِقينَ وألسنتَهم يزعُمونَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد مات قال الزُّهريُّ : فأخبَرني أنسُ بنُ مالكٍ أنَّه سمِع خُطبةَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه الآخِرَةَ حينَ جلَس على مِنبَرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وذلك الغَدَ مِن يومِ تُوفِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : فتشهَّد عُمَرُ وأبو بكرٍ صامتٌ لا يتكلَّمُ ثمَّ قال : أمَّا بعدُ فإنِّي قُلْتُ أمسِ مَقالةً وإنَّها لَمْ تكُنْ كما قُلْتُ وإنِّي واللهِ ما وجَدْتُ المَقالةَ الَّتي قُلْتُ في كتابٍ أنزَله اللهُ ولا في عهدٍ عهِده إليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولكنِّي كُنْتُ أرجو أنْ يعيشَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى يدبُرَنا - يُريدُ بذلك أنْ يكونَ آخِرَهم - فإنْ يَكُ محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد مات فإنَّ اللهَ قد جعَل بيْنَ أظهُرِكم نورًا تهتَدونَ به فاعتَصِموا به تهتَدوا لِما هدى اللهُ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ إنَّ أبا بكرٍ صاحبُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وثاني اثنَيْنِ وإنَّه أَوْلى النَّاسِ بأمورِكم فقُوموا فبايِعوه وكانت طائفةٌ منهم قد بايَعوه قبْلَ ذلك في سَقيفةِ بني ساعدةَ وكانت بيعةُ العامَّةِ على المِنبَرِ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6875 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

أَخْبَرَنِي أنَسُ بنُ مَالِكٍ الأنْصَارِيُّ - وكانَ تَبِعَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وخَدَمَهُ وصَحِبَهُ - أنَّ أبَا بَكْرٍ كانَ يُصَلِّي لهمْ في وجَعِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، حتَّى إذَا كانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وهُمْ صُفُوفٌ في الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِتْرَ الحُجْرَةِ يَنْظُرُ إلَيْنَا وهو قَائِمٌ كَأنَّ وجْهَهُ ورَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الفَرَحِ برُؤْيَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَنَكَصَ أبو بَكْرٍ علَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وظَنَّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَارِجٌ إلى الصَّلَاةِ فأشَارَ إلَيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ أتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِن يَومِهِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 680 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (680)، ومسلم (419)


كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أعرفَ الناسِ لقَدْرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَكانتِه، فأحَبُّوه حُبًّا شَديدًا، والْتَزَموا الأدَبَ معه، وحَرَصوا على مُرافَقتِه ومُوافَقتِه والقُربِ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما حَزِنوا على شَيءٍ حُزْنَهم على فِراقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي هذا الحديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضيَ اللهُ عنه كانَ يُصلِّي بهم إمامًا في المَسجِدِ النَّبويِّ في مرَضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذي تُوفِّيَ فيه، حتَّى إذا كانَ يومُ الاثنَينِ وهُم صُفوفٌ في صَلاةِ الفجْرِ، كَشَف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِترَ الحُجرةِ يَنظُرُ إليهم وهو قائِمٌ، كأنَّ وَجْهَه ورَقةَ مُصحَفٍ؛ مِن رِقَّة الجِلدِ، وصَفاءِ البَشرةِ، والجَمالِ البارِع، ثُمَّ تَبسَّمَ ضاحِكًا فَرِحًا باجتِماعِهم على الصَّلاةِ، واتِّفاقِ كَلِمتِهم، وإقامةِ شَريعتِه. قال أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه: فهَمَمْنا، أي: أوشَكْنا أنْ نُفْتَتَن بأنْ نَخرُجَ مِن الصَّلاةِ؛ مِن الفَرَحِ بِرُؤيتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنَكَصَ أبو بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنه على عَقِبَيه، أي: رَجَعَ القَهْقَرَى إلى الخَلْفِ؛ ليَأتِيَ إلى الصَّفِّ ويَرجِعَ عن مَقامِ الإمامةِ لمَقامِ المأمومينَ ظنًّا منه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خارِجٌ إلى الصَّلاةِ، فأشارَ إلَينا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنِ اثْبُتوا على ما أنتُمْ عليه وأتِمُّوا صَلاتَكم، وأرْخى السِّترَ، فتُوفِّيَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في يومِه هذا، وذلك في شَهرِ رَبيعٍ الأوَّلِ سَنةَ إحدى عَشْرٍ مِن الهِجرةِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَها ابنَ ثَلاثٍ وسِتِّينَ سَنةً، وكانتْ مُصيبَةُ المُسلِمينَ الكُبرَى بِوَفاةِ رَسولِهِم الكَريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي الحديثِ: ما يَدُلُّ على اهتِمامِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالصَّلاةِ والمُسلمينَ حتَّى آخِرَ يَومٍ مِن أيَّامِ حَياتِه في الدُّنيا. وفيه: تَحديدُ اليومِ الذي تُوفِّيَ فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنَّه كان يومَ الاثنينِ.وفيه: دَلالةٌ على أنَّ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أفضلُ النَّاسِ بعدَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَوْلاهم بخِلافتِه.