الموسوعة الحديثية


- جاء رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ إنِّي أصَبْتُ حدًّا فأقِمْه علَيَّ قال : فأعرَض عنه ثمَّ قال : يا رسولَ اللهِ إنِّي أصَبْتُ حدًّا فأقِمْه علَيَّ فأعرَض عنه ثمَّ أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلمَّا سلَّم قال : يا رسولَ اللهِ إنِّي أصَبْتُ حدًّا فأقِمْه علَيَّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هل توضَّأْتَ حينَ أقبَلْتَ ) ؟ قال : نَعم قال : ( صلَّيْتَ معنا ) ؟ قال : نَعم قال : ( فاذهَبْ فإنَّ اللهَ قد غفَر لكَ )
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3994 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (16014)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7312)، والطبراني (22/67) (162) باختلاف يسير

بيْنَما رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في المَسْجِدِ، وَنَحْنُ قُعُودٌ معهُ، إذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فأقِمْهُ عَلَيَّ، فَسَكَتَ عنْه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَعَادَ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فأقِمْهُ عَلَيَّ، فَسَكَتَ عنْه، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ أَبُو أُمَامَةَ: فَاتَّبَعَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ انْصَرَفَ، وَاتَّبَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْظُرُ ما يَرُدُّ علَى الرَّجُلِ، فَلَحِقَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فأقِمْهُ عَلَيَّ، قالَ أَبُو أُمَامَةَ: فَقالَ له رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِن بَيْتِكَ، أَليسَ قدْ تَوَضَّأْتَ فأحْسَنْتَ الوُضُوءَ؟ قالَ: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ معنَا؟ فَقالَ: نَعَمْ يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: فَقالَ له رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فإنَّ اللَّهَ قدْ غَفَرَ لكَ حَدَّكَ، أَوْ قالَ: ذَنْبَكَ.
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2765 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

اللهُ سُبحانه وتَعالَى رَؤوفٌ رَحيمٌ بعِبادِه، وقدْ سَبَقَت رَحمتُه غَضبَه؛ فإنَّه يَصبِرُ على العُصاةِ ولا يُعجِّلُ لهم العقابَ حتَّى يَتوبوا ويَرجِعوا إلى اللهِ سُبحانه ويَطلُبوا منه العفْوَ والمَغفرةَ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو أُمامَةَ الباهليُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم بَينَما كانوا قُعودًا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَسجدِه بالمدينةِ؛ إذ جاءَه رَجلٌ مِن أصحابهِ، فقال: «يا رسولَ اللهِ، إنِّي أَصبْتُ حَدًّا» أي: فعَلْتُ فِعلًا يُوجِبُ حدًّا، فَأقِمْه عليَّ حتَّى أتَطهَّرَ مِن الذَّنْبِ، ولم يَذكُرِ الرَّجلُ ذَنْبَه، فَسَكتَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ أعادَ الرَّجلُّ ما قالَه، فسَكَتَ عنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّةً أُخرى، وأُقِيمتِ الصَّلاةُ، فلمَّا سلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وانصَرفَ، تَبِعَه الرَّجلُ، فكرَّرَ ما قاله سابقًا، ولم يَذكُرْ ذنْبَه، ولمْ يَسألْهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذَنْبِه مَع تَكرارِه للسُّؤالِ بعْدَ الصَّلاةِ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَرأيْتَ حين خَرجْتَ مِن بيتِكَ، أليسَ قدْ تَوضَّأْتَ فَأحسنْتَ الوُضوءَ؟» أي: أتْمَمْتَه وأعْطَيْتَ كلَّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ، «قال: بَلى يا رسولَ اللهِ، قال: ثُمَّ شَهدْتَ الصَّلاةَ معنا؟» أي: صلَّيْتَ معنا في جَماعةٍ؟ «فقال: نَعمْ يا رسولَ اللهِ، قال: فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فإنَّ اللهَ قد غَفرَ لكَ حدَّكَ، أو قال: ذنْبَكَ» أي: إنَّ تلك الأفعالَ مِن الطَّاعةِ كانت سَببًا في أنْ يَغفِرَ اللهُ لكَ ذَنْبَكَ الَّذي يُوجِبُ عليكَ الحدَّ، ويُحتمَلُ أنْ يكونَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اطَّلعَ بِالوحيِ على أنَّ اللهَ سُبحانه قدْ غَفرَ له لِكونِها واقعةَ عَينٍ، وإلَّا لكانَ يَستفسِرُه عَنِ الحدِّ ويُقيمُه عليه، فأخْبَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ صَلاتَه سَببٌ في غُفرانِ ذنْبِه، خُصوصًا وقدِ انضمَّ إليها ما أشَعَرَ بإنابتِه ونَدَمِه على هذا الذَّنْبِ، وهذا مِصداقٌ لقَولِ اللهِ تَعالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].
وقيلَ: الحدُّ المذكورُ في الحديثِ معناه مَعصيةٌ تُوجِبُ التَّعزيرَ، وليس المرادُ الحدَّ الشَّرعيَّ الحقيقيَّ كحدِّ الزِّنا والخمرِ وغيرِهما؛ فإنَّ هذه الحدودَ لا تَسقُطُ بِالصَّلاةِ، ولا يجوزُ لِلإمامِ تركُها.
وفي الحديثِ: أنَّ الصَّلاةَ كفَّارةٌ لِلذُّنوبِ.
وفيه: بَيانُ مَدى رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، وأنَّه يَقبَلُ التَّائِبينَ.