الموسوعة الحديثية


- للهِ عزَّ وجلَّ مِئةُ رَحمةٍ، وإنَّه قسَمَ رَحمةً واحِدةً بَينَ أهلِ الأرضِ، فوسِعَتْهم إلى آجالِهم، وذخَرَ تِسعةً وتِسعينَ رَحمةً لأوليائِهِ، واللهُ عزَّ وجلَّ قابِضٌ تلك الرَّحمةَ التي قسَمَها بَينَ أهلِ الأرضِ إلى التِّسعِ والتِّسعينَ، فيُكمِّلُها مِئةَ رَحمةٍ لأوليائِهِ يَومَ القيامةِ. قال محمدٌ في حَديثِهِ: وحدَّثَني بهذا الحَديثِ محمدُ بنُ سيرينَ، وخِلاسٌ، كلاهما عن أبي هُرَيرةَ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِثلَ ذلك.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 10671 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (6469)، ومسلم (2752) بنحوه، وأحمد (10671) واللفظ له

إنَّ للَّهِ عزَّ وجلَّ مِئةَ رحمةٍ أنزلَ مِنها رحمةً واحدةً بينَ الإنسِ ، والجنِّ ، والهوامِّ ، والسِّباعِ وذَخَرَ تِسعةً وتِسعينَ إلى يومِ القِيامةِ ولفظُ الآخر إنَّ للَّهِ عزَّ وجلَّ قسَّمَ منها رحمةً بينَ جميعِ الخلائقِ ، فبِها يتراحَمونَ ، وبِها يتَعاطفونَ ، وبِها تَعطفُ الوحشُ على أولادِها ، وأخَّرَ تسعةً وتسعينَ رحمةً ، يرحمُ بِها عبادَهُ يومَ القيامةِ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : السخاوي | المصدر : البلدانيات
الصفحة أو الرقم: 120 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

رحمةُ اللهِ تعالى وَسِعتْ كلَّ شيءٍ، ورَحمتُه في الآخِرةِ أَضعافُ ما جَعلَه في الدُّنيا، وتَكونُ لِعبادِه المؤمِنينَ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ لِلهِ عزَّ وجلَّ مِئةَ رَحمةٍ"، أي: خَلَق اللهُ الرحمةَ وجعلَها مِئةَ جُزءٍ، وهَذه الرَّحمَةُ الَّتي جَعَلَها اللهُ في خَلقِه وعِبادِه مَخلوقَةٌ، أمَّا الرحمةُ التي هي صفةٌ من صِفاتِ الله سُبحانَه القائمةِ بِذاتِه، فليستْ بمَخلوقَةٍ، وهي تَليقُ بجَلالِه وعظمتِه.
"أنزَلَ منها رَحمةً واحدةً"، أي: أنزلَ إلى الأرض جُزءًا واحدًا منَ مئةِ جُزءٍ، وَهَذا الجزءُ الواحدُ الذي جَعلَه اللهُ في الدُّنيا، "بين الإنسِ والجِنِّ والهوامِّ والسِّباعِ"، و"الهوامُّ" جمعُ هامَّةٍ، وهي كلُّ ذاتِ سُمٍّ يَقتُلُ، وقد تُطلقُ على ما يَدِبُّ من الحيوانِ وإنْ لم يقتُلْ كالحَشراتِ، وقيل: لا يَقَعُ هذا الاسمُ إلَّا على المَخُوفِ مِنَ الأحناشِ، و"السِّباع": اسمٌ جامِعٌ لكلِّ حَيوانٍ يأكُلُ اللَّحمَ. "وذَخَر تِسعةً وتِسعينَ إلى يَومِ القِيامةِ"، أي: ادَّخرَ بقيةَ أجزاءِ الرحمةِ إلى يومِ القِيامَةِ؛ فيُكملها اللهُ سبحانَه مِئةَ رَحمةٍ بهذه الرحمةِ يَرحَم بها عِبادَه يومَ القِيامةِ، وهذا يدُلُّ على سَعةِ رحمةِ اللهِ يومَ القيامةِ.
وفي لفظٍ آخرَ: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قسَم منها رَحمةً بين جميعِ الخلائق، فبها يَتراحَمون، وبها يَتعاطَفون"، أي: يَجري بينهم الشَّفقةُ والرحمةُ، "وبها تعطِفُ الوحْشُ على أولادِها" والوحْشُ: هو ما لا يُستأنسُ من دوابِّ البَرِّ، أي: تُشفِق وتحِنُّ على أولادِها الصِّغارِ، رغمَ ما فيها من توحُّشٍ، "وأخَّر تِسعةً وتِسعين رَحمةً، يرحمُ بها عِبادَه يومَ القِيامةِ" وهذا من عَظيمِ فَضلِ اللهِ على عِبادهِ أنْ أنزَلَ لهم من الرحمةِ جزءًا يَسيرًا يُصلِحهم به في الدُّنيا، وادَّخر لهم الجزءَ الأكبرَ يومَ القِيامةِ، وهذا أيضًا يَدُلُّ على سَعةِ رحمتِه سُبحانَه في الآخرةِ؛ فإذا كانتْ رحمةٌ واحدةٌ فقط يتراحَمُ بها كلُّ الخَلقِ في الدُّنيا؛ فما بالُنا بتِسعةٍ وتِسعينَ جُزءًا منها؟! وقد جاءَ في رِوايةِ مُسلمٍ مِن حديثِ سَلمانَ رضِيَ اللهُ عنه: "فإذا كان يومُ القِيامةِ أكْمَلَها بهذه الرَّحمةِ"؛ وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الرَّحمةَ التي في الدُّنيا بين الخَلْقِ تكونُ فيهم يَومَ القِيامةِ يتراحمون بها أيضًا.
وفي الحديثِ: تَبشيرٌ للناس وعدمُ تيئيسهم من رَحمةِ اللهِ، وحَثٌّ لهم على العملِ الصالحِ للدُّخولِ في رحمةِ اللهِ الواسعةِ( ).