الموسوعة الحديثية


- إنَّ ابنَ عُمَرَ -واللهُ يَغفِرُ له- أَوهَمَ، إنَّما كان هذا الحيُّ من الأنصارِ -وهم أهلُ وثَنٍ- مع هذا الحيِّ من يَهودَ -وهم أهلُ كِتابٍ- وكانوا يرَوْنَ لهم فَضْلًا عليهم في العِلمِ، فكانوا يَقتَدون بكَثيرٍ من فِعلِهم، وكان من أمرِ أهلِ الكتابِ ألَّا يأتوا النِّساءَ إلَّا على حَرفٍ، وذلك أستَرُ ما تكونُ المرأةُ، فكان هذا الحيُّ من الأنصارِ قد أخذوا بذلك من فِعلِهم، وكان هذا الحيُّ من قُريشٍ يَشرَحون النِّساءَ شَرْحًا مُنكَرًا، ويَتلذَّذون منهن مُقبِلاتٍ، ومُدبِراتٍ، ومُستلقياتٍ، فلمَّا قدِمَ المُهاجرون المدينةَ، تزوَّجَ رجُلٌ منهم امرأةً من الأنصارِ، فذهَبَ يَصنَعُ بها ذلك، فأنكرَتْه عليه، وقالتْ: إنَّما كنَّا نُؤْتى على حَرفٍ، فاصنَعْ ذلك، وإلا فاجْتنبْني، حتى شَرِيَ أمرُهما، فبلَغَ ذلكَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأنزلَ اللهُ عزَّ وجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أي: مُقبلاتٍ ومدبراتٍ ومستلقياتٍ، يعني بذلك موضِعَ الولَدِ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2164 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الطبراني (11/77) (11097)، والحاكم (2791)، والبيهقي (14488) باختلاف يسير

عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ : إنَّ ابنَ عمرَ واللَّهُ يغفرُ لَه أوْهمَ إنَّما كانَ هذا الحيُّ منَ الأنصارِ وَهُم أهلُ وثَنٍ معَ هذا الحيِّ مِن يَهودَ وَهُم أهلُ كتابٍ وَكانوا يرَونَ لَهم فضلًا علَيهِم في العلمِ فَكانوا يقتَدونَ بكثيرٍ مِن فِعلِهم وَكانَ مِن أمرِ أهلِ الكتابِ أن لا يأتوا النِّساءَ إلَّا علَى حَرفٍ وذلِكَ أستَرُ ما تَكونُ المرأةُ فكانَ هذا الحيُّ منَ الأنصارِ قد أخَذوا بذلِكَ مِن فِعلِهم وَكانَ هذا الحيُّ مِن قُرَيشٍ يشرَحونَ النِّساءَ شَرحًا مُنكرًا ويتلذَّذونَ مِنهنَّ مُقبِلاتٍ ومُدبراتٍ ومُستَلقياتٍ فلمَّا قدِمَ المُهاجرونَ المدينةَ تزَوَّجَ رجلٌ مِنهُم امرأةً منَ الأنصارِ فذهبَ يصنعُ بِها ذلِكَ فأنكرَتْهُ علَيهِ وقالت إنَّما كنَّا نُؤتَى علَى حرفٍ فاصنَعْ ذلِكَ وإلَّا فاجتنِبني حتَّى شَرِيَ أمرُهُما فبلغَ ذلِكَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ ) أي مُقبِلاتٍ ومُدبِراتٍ ومُستَلقِياتٍ يعني بذلِكَ مَوضعَ الولَدِ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2164 | خلاصة حكم المحدث : حسن

التخريج : أخرجه أبو داود (2164) واللفظ له، والطبراني (11/77) (11097)، والحاكم (2791) باختلاف يسير


كَانَ الأنصارُ قَبلَ أن يُهاجِرَ إليهم رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم يَختَلِطُون بِمَن جاوَرَهم مِن اليَهُودِ، حَتَّى أخَذُوا مِنهُم بعضَ عاداتِهم، وفي هذا الحديثِ يَقُولُ عبدُ الله بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: "إنَّ ابنَ عُمَرَ -واللهُ يَغفِرُ لَهُ- أَوْهَمَ" وَهذا إشارةٌ إِلَى أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ قَدْ بَلَغه عَن ابْنِ عُمرَ في تأويلِ الآيةِ شَيءٌ خِلافُ ما كانَ يَذْهَبُ إليه ابنُ عبَّاسٍ، ثُمَّ يَقُولُ ابنُ عَبَّاسٍ: "إنَّما كَانَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ" يُرِيدُ أهلَ المَدِينَةِ مِنَ الأنصارِ "وهُم أهلُ وَثَنٍ"، أي: كَانُوا قَبلَ أن يأتِيَ الإسلامُ مِمَّنْ يَعبُدونَ الأصنامَ "مَعَ هذا الحَيِّ مِن يَهُود"، أي: يَهُود المَدِينَة "وهُم أهلُ كِتابٍ، وكانوا يَرَوْنَ لَهُم فضلًا عَلَيْهِم فِي العِلمِ"، أي: أنَّ الأنصارَ كَانُوا يرَوْن أنَّ اليَهُودَ مقدَّمين عَلَيْهِم فِي العِلم لِمَا مَعَهُم مِن كتابٍ، والمُرادُ بالكتابِ: التَّوْرَاةُ.
"فكانوا يَقتَدُونَ بكثيرٍ مِن فِعلِهم"، أي: فَكَانَ الأنصارُ يَقتَدُونَ بكثيرٍ مِمَّا يَفعلُه اليَهُودُ، "وكان مِن أمرِ أهلِ الكِتابِ"، أي: اليَهُودِ "ألَّا يَأتُوا النِّساءَ إِلَّا على حَرْفٍ"، أي: يُجامِعون نساءَهم مُستلقِياتٍ على جُنوبِهِنَّ، "وذلك أَسْتَر ما تكونُ المرأةُ"، أي: غيرَ مُنكَشِفَةٍ لِزَوجِها استحياءً مِنْهُ، "فَكَانَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ قد أخَذوا بذلك مِن فِعلهم"، أي: كان الأنصارُ يجامِعون نساءَهم مِثْلَ اليَهُودِ، حَتَّى اعتادُوا ذَلِكَ واعتادَتْ ذَلِكَ نساؤهم ، "وكان هذا الحَيُّ مِن قُرَيْشٍ" المُرادُ بهم: أهلُ مَكَّةَ "يَشْرَحُونَ النِّساءَ"، أي: يُجامِعون نساءَهم وهُنَّ على ظُهورِهِنَّ، وقولُه: "شَرْحًا مُنكَرًا" إشارةٌ مِنْهُ إِلَى المُبالَغةِ فِي الجِماعِ وتعدُّدِ أوضاعِ نسائِهنَّ حالَ جِماعِهِنَّ، وهذا يُضَادُّ حَالَةَ السَّتْرِ الَّتِي كَانَتْ عليها نساءُ الأنصارِ، "ويَتلذَّذونَ"، أي: يَستَمتِعون "مِنهُنَّ مُقبِلاتٍ"، أي: مِنَ الأمامِ، "ومُدبِراتٍ"، أي: ومِن الخَلفِ، "ومُستلقِياتٍ" وَالاسْتلقَاءُ فيه مَعْنَى الانْبِطاحِ على أيِّ وجهٍ كانَ، على الظَّهْرِ أو الجَنْبِ أو غَيرِه.
قال: "فَلَمَّا قَدِم المهاجِرون المَدِينَةَ تزوَّج رجلٌ مِنهُم"، أي: مِن المهاجِرين "امرأةً مِن الأنصارِ، فذَهَب يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ"، أي: يُجامِعُها على ما اعتَادَت قُرَيْشٌ، "فأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ"، أي: اعتَرَضَتْ وامتَنَعَتْ، "وقالَتْ: إنَّما كُنَّا نُؤتَى على حَرْفٍ"، أي: على جَنْبٍ، "فاصْنَعْ ذَلِكَ وإلَّا فَاجْتَنِبْنِي"، أي: يَكُونُ جِماعُكَ لي على هذا الحالِ وإلَّا فلَا تُجامِعْني، "حَتَّى شَرِيَ أمرُهما"، أي: تَفاقَمَ وانتَشَر، "فبَلَغ ذَلِكَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم"، أي: انتَهَى الخَبَرُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم لِيَفصِلَ فِيهِ، فأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أي: هُنَّ لَكُمْ بِمَنزِلَةِ الأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ، فَأْتُوهُنَّ حيثُ شِئتُم، وعلى أيِّ حالٍ كُنَّ لَكُم، "مُقبِلاتٍ ومُدبِراتٍ ومُستلقِياتٍ، يَعْنِي بذلك مَوضِعَ الوَلَدِ"، أي: جَامِعُوهُنَّ كَيْفَ شِئتُم، ولكنْ فِي مَوضِعِ الوَلَدِ، وهو الفَرْجُ لَا الدُّبُرُ.
وفي الحديثِ: الحذرُ مِن اتِّباعِ ثَقافاتِ غَيرِ المُسلِمينَ، وخاصَّةً أهلَ الكتابِ.