الموسوعة الحديثية


- في المُزَّمِّلِ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ} [المزمل: 2، 3] نسَخَتْها الآيةُ التي فيها: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]. و{نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: 6]: أوَّلُه، وكانتْ صلاتُهم لأوَّلِ الليلِ، يقولُ: هو أجدَرُ أنْ تُحصوا ما فرَضَ اللهُ عليكم مِن قيامٍ؛ وذلك أنَّ الإنسانَ إذا نام لم يَدرِ متى يَستيقِظُ، وقولُه: {وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]: هو أجدَرُ أنْ يُفقَهَ في القُرآنِ، وقولُه: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] يقولُ: فراغًا طويلًا.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1304 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ في المزَّمِّلِ (قُمِ اللَّيلَ إلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ) نسخَتْها الآيةُ الَّتي فيها (عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وَ ( ناشئةُ اللَّيلِ ) أوَّلُهُ وَكانت صلاتُهُم لأوَّلِ اللَّيلِ يقولُ هوَ أجدَرُ أن تحصوا ما فرضَ اللَّهُ عليكم من قيامِ اللَّيلِ وذلِكَ أنَّ الإنسانَ إذا نامَ لم يدرِ متى يَستيقظُ وقولُهُ (أقْوَمُ قِيلًا) هوَ أجدرُ أن يفقَهَ في القرآنِ وقولُهُ ( إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ) يقولُ فراغًا طويلًا
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 1304 | خلاصة حكم المحدث : حسن

الإسلامُ دِينُ الرَّحمةِ والشَّفقَةِ على النَّاسِ، وتَشريعاتُه تُراعي طاقاتِ النَّاسِ على العمَلِ، ودائمًا ما يَكونُ التَّخفيفُ مِن اللهِ على مَن يَمتَثِلُ أمرَه مِن عِبادِه، ومِن ذلك أنَّ اللهَ جعَلَ صَلاةَ اللَّيلِ نافِلةً لِمَن أرادَ التَّطوُّعَ والزِّيادةَ في الخيرِ وجَعَلها على قدرِ استطاعةِ كلِّ فردٍ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهما في قولِه تعالى مِن سورةِ المزمِّلِ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ} [المزمل: 3]، أي: كان الأمرُ أوَّلًا مِن اللهِ بقيامِ اللَّيلِ لمدَّةِ نِصفِه أو ثُلثِه، قال ابنُ عبَّاسٍ: ثمَّ نسخَتْها الآيةُ الَّتي فيها: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، أي: عَلِم اللهُ عدَمَ قُدرتِكم على القيامِ لمُدَّةِ نصفِ اللَّيلِ أو ثُلثِه بصورةٍ دائمةٍ، فخفَّف اللهُ عنكم، فقُوموا اللَّيلَ بما في قُدرتِكم واستطاعتِكم، فاقرَؤُوا ما تيَسَّر لكُم مِن القرآنِ في قيامِ اللَّيلِ؛ فهذه الآيةُ نسَخَتِ الَّذي كان اللهُ أوجبَه على المسلِمين أوَّلًا.
قال ابنُ عبَّاسٍ: "وناشِئةُ اللَّيلِ أوَّلُه، وكانَت صَلاتُهم"، أيِ: الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنْهم، "لأَوَّلِ اللَّيلِ"، أي: يَقومون اللَّيلَ في أوَّلِه خَشْيةَ أن يَفوتَهمُ القيامُ في نِصفِه أو آخِرِه؛ بسبَبِ النَّومِ؛ يَقولُ ابنُ عبَّاسٍ: "هو"، أي: قيامُ اللَّيلِ "أجدَرُ"، أي: ألْيَقُ بكُم وأحْرى، "أن تُحْصوا وتُؤدُّوا ما فرَض اللهُ علَيكم مِن قيامِ اللَّيلِ"، أي: في أوَّلِ اللَّيلِ؛ "وذلك أنَّ الإنسانَ إذا نام لَم يَدْرِ مَتى يَستيقِظُ"، أي: فيَكونُ حِرصُه على قِيامِه في أوَّلِه أفضَلَ مِن تأخيرِه لِمَا بعدَ النَّومِ، وقولُه تعالى: {أَقْوَمُ قِيلًا}، قال ابنُ عبَّاسٍ: "هو أجدَرُ أن يفقَهَ في القُرآنِ ويَفهَمَ ما يقرَؤُه وهو قويٌّ مستيقِظٌ"، أي: وفي قيامِه للَّيلِ وسُكونِه يَقدِرُ على تدبُّرِ القرآنِ وفَهمِ مَعانيه.
وقولُه تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7]، قال ابنُ عبَّاسٍ: "فَراغًا طَويلًا"، أي: لا تَفرُغُ فيه لقِراءَةِ القرآنِ أوِ الصَّلاةِ أمَّا اللَّيلُ فهو مَحلُّ هذا.
وفي الحديث: بَيانُ تخفيفِ اللهِ تعالى على المُسلِمين في أمرِ صلاةِ قيامِ اللَّيلِ، وبيانُ مُراعاةِ التَّشريعِ لطَاقاتِ وقُدراتِ النَّاسِ.