الموسوعة الحديثية


- إني كنتُ نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ فزُورُوها ونهيتُكم أنْ تُخَبِّئُوا لحومَ الأضاحي فوقَ ثلاثٍ فاحبِسوا ونهيتُكم عنِ الظروفِ فانْتَبِذُوا فيها واجتَنِبُوا كلَّ مُسْكِرٍ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 4/29 | خلاصة حكم المحدث : فيه فرقد السبخي وهو ضعيف | التخريج : أخرجه ابن ماجه (1571، 3388، 3406) مفرقاً مختصراً، وأحمد (4319) باختلاف يسير

نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوها، ونَهَيْتُكُمْ عن لُحُومِ الأضاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ، فأمْسِكُوا ما بَدا لَكُمْ، ونَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشْرَبُوا في الأسْقِيَةِ كُلِّها، ولا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا.
الراوي : بريدة بن الحصيب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 977 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (1977)


النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حَريصٌ عَلى المُسلمينَ وعَلى ما فيه صَلاحُهم وخَيرُهم، وكان رُبَّما يَأمُرُ بشَيءٍ أو يَنْهى عنه في وَقتٍ مُعيَّنٍ وَفي ظُروفٍ مُعيَّنةٍ لحِكمةٍ، ثُمَّ يُغيِّرُ الأَمرَ والنَّهيَ بعدَ زَوالِ الظُّروفِ لحِكمةٍ أُخرى.
وهذا الحَديثُ مِنَ الأَحاديثِ الَّتي تَجمَعُ النَّاسخَ والمَنسوخَ، فَقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «نَهيتُكم عَن زِيارةِ القُبورِ، فَزُوروها»، أي: كُنتُ نَهيتُكم قبْلَ ذلك عنْ زِيارةِ القُبورِ؛ لأنَّهم كانوا حَدِيثي عهدٍ بالجاهليَّةِ، وقَرِيبي عهْدٍ بعِبادةِ الأوثانِ، ودُعاءِ الأصنامِ، فنُهُوا عن زِيارةِ القبورِ؛ خَشيةَ أنْ يَقولوا، أو يَفعَلوا عندها ما كانوا يَعْتادونه في الجاهليَّةِ، وخَوفًا مِن أنْ يكونَ ذلك ذَريعةً لعِبادةِ أهلِ القبورِ، وأمَّا الآنَ فقَدْ دارَ رَحى الإسلامِ، وهَدَمَ قَواعدَ زِيارةِ الشِّركِ، فزُوروها؛ فإنَّها تُورِثُ رقَّةَ القلبِ، وتُذكِّرُ المَوتَ والبِلى، وغيرَ ذلكَ، وفي ذَلك تَحفيزٌ عَلى عمَلِ الخَيرِ والسَّعيِ فيه؛ استعدادًا لذلك اليومِ.
ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه نَهى المسلمين أوَّلَ الأمرِ عَن ادِّخارِ لُحومِ الأَضاحيِّ فوقَ ثَلاثةِ أيَّامٍ، وَكان النَّهيُ لأَجلِ الفُقراءِ المُحتاجينَ الَّذين أتَوا إلى المدينةِ لمَّا وَقَع قَحطٌ بالباديَةِ، فدَخَلَ أَهلُها المدينةَ، فنَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم المهاجِرين والأنصارَ عنِ ادِّخارِ لُحومِ الأَضاحيِّ فوقَ ثَلاثِ ليالٍ؛ ليُعْطوا هَؤلاءِ الفُقراءَ والمُحتاجينَ. ثُمَّ أمَرَهم بالأَمرِ الجَديدِ فَقال: «فَأمْسِكوا ما بَدا لَكُم»، أي: ادَّخِروا لُحومَها كما تَشاؤون مِن الوقتِ، أوِ المُرادُ: أَمسِكوا لُحومَها الباقيَةَ بعْدَ إعطاءِ ما فِيها مِن حقِّ الفُقراءِ.
ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه نَهى المسلمين أوَّلَ الأمرِ عَنِ الأشرِبَةِ الَّتي تُنْبَذُ في أَوْعِيةٍ مُعَيَّنَةٍ، والنَّبيذُ مِنَ النَّبْذِ، وهو التَّرْكُ، والمقصودُ ما يُنْقَعُ مِنَ الثِّمارِ -كالزَّبيبِ، أَوِ التَّمْرِ، أَوِ التِّينِ، وغَيرِهما منَ الحَلاوَى- في الماءِ، ويُتْرَكُ حتَّى يَصيرَ نَبيذًا، واستَثْنى مِن الأوعيةِ القِربَةَ؛ وهي وِعاءٌ مِن جِلدٍ رَقيقٍ لا يَجعَلُ الماءَ حارًّا، فَلا يَصيرُ مُسكِرًا بعدَ وقتٍ قَريبٍ، بِخلافِ غيرِها مِن الأوعيةِ؛ فإنَّها تَجعَلُ الماءَ حارًّا فيَصيرُ النَّبيذُ مُسكِرًا، فرخَّصَ لَهم شُربَ النَّبيذِ مِن كلِّ ظَرفٍ ما لم يَصِرْ مُسكِرًا، فَقال: «فاشْرَبوا في الأَسقيَةِ كلِّها، ولا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا»، والمعنى: اشْرَبوا مِن كُلِّ أنواعِ الشَّرابِ الَّتي تكونُ في الأوعيةِ والأَواني، شَريطَةَ ألَّا يَكونَ الشَّرابُ مُسْكِرًا، فيَكونُ الحاصلُ أنَّ المنهيَّ عنهُ هوَ المُسكِرُ لا الظُّروفُ والأَواني بِعينِها.
وفي الحَديثِ: أنَّ للمُسلمِ ادِّخارَ لُحومِ الأَضاحيِّ ما شاءَ.
وفيه: الأَمرُ بزِيارةِ القُبورِ للتَّذكُّرِ والعِظةِ.
وفيه: النَّهيُ عنْ شُربِ المُسكرِ.