الموسوعة الحديثية


- [ روى البخاري ] عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ قالَ : خرجْنا مع عبدِ اللهِ رضي الله عنه إلى مكةَ ، ثم قدمنا جمعًا فصلى الصلاتينِ : كُلُّ صلاةٍ وحدها بأذانٍ وإقامةٍ ، والعشاءُ بينهما . ثم صلى الفجرَ حين طلعَ الفجرُ - قائلٌ يقولُ طلعَ الفجرُ ، وقائلٌ يقولُ لم يطلعِ الفجرُ - ثم قالَ : إن رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ : إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتِهما في هذا المكانِ : المغربَ والعشاءَ ، فلا يَقدَمُ الناسُ جمعًا حتى يعتموا ، وصلاةُ الفجرِ هذه الساعةُ . ثم وقفَ حتى أسفرَ ثم قالَ : لو أن أميرَ المؤمنين أفاضَ الآن أصابَ السنةَ . فما أدري : أقولُه كان أسرعَ أم دفعُ عثمانَ رضي الله عنه ، فلم يزلْ يلبي حتى رمى جمرةَ العقبةِ يومَ النحرِ
الراوي : - | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر | الصفحة أو الرقم : 3/620 | خلاصة حكم المحدث : قوله (فما أدري) هو كلام عبد الرحمن بن يزيد الراوي عن ابن مسعود

 خَرَجْنَا مع عَبدِ اللَّهِ رَضيَ اللهُ عنه إلى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا، فَصَلَّى الصَّلَاتَيْنِ، كُلَّ صَلَاةٍ وحْدَهَا بأَذَانٍ وإقَامَةٍ، والعَشَاءُ بيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الفَجْرُ، قَائِلٌ يقولُ: طَلَعَ الفَجْرُ، وقَائِلٌ يقولُ: لَمْ يَطْلُعِ الفَجْرُ، ثُمَّ قالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عن وقْتِهِمَا في هذا المَكَانِ: المَغْرِبَ والعِشَاءَ، فلا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حتَّى يُعْتِمُوا، وصَلَاةَ الفَجْرِ هذِه السَّاعَةَ، ثُمَّ وقَفَ حتَّى أسْفَرَ، ثُمَّ قالَ: لو أنَّ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أفَاضَ الآنَ أصَابَ السُّنَّةَ. فَما أدْرِي: أقَوْلُهُ كانَ أسْرَعَ أمْ دَفْعُ عُثْمَانَ رَضيَ اللهُ عنه، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ يَومَ النَّحْرِ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1683 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (1289) بنحوه


الحجُّ هو الرُّكنُ الخامسُ مِن أركانِ الإسلامِ، وقد بيَّن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَناسِكَ الحجِّ بأقوالِه وأفعالِه، ونَقَلَها لنا الصَّحابةُ الكِرامُ رَضيَ اللهُ عنهم كما تَعلَّموها منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ يروي عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَزيدَ أنَّه خَرَجَ مع عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه إلى مَكَّةَ للحجِّ، فلمَّا نَزَلا مُزْدَلِفةَ -وهو المكانُ الذي يَنزِلُ فيه الحجيجُ بعْدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ، ويَبيتونَ فيه لَيلةَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحرامُ، وتُسمَّى جَمْعًا، وتَبعُدُ عن عَرَفةَ حوالي (12 كم)، وهي بجِوارِ مَشعَرِ مِنًى- لَمَّا نزَلَاها صَلَّى المغربَ والعِشاءَ جَمْعًا وقَصرًا، صلَّى كلَّ واحِدةٍ منهُما بأَذان وإقامةٍ، وتَناوَلَ طَعامَ العَشاءِ بيْنهما، ثمَّ صَلَّى الفَجرَ حينَ طَلَعَ الفَجرُ في أوَّلِ وَقْتِه، حتَّى إنَّ النَّاسَ مِن شِدَّةِ الظَّلامِ اختَلَفوا في طُلوعِ الفَجرِ وعَدَمِه.
ثمَّ حدَّث عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه القومَ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ صَلاتَينِ قدْ غُيِّرِتا عن وَقتِهما، الأُولى المَغرِبُ؛ وذلك بتَأخيرِ المَغربِ إلى وَقتِ العِشاءِ؛ وذلك لأنَّ الناسَ لا يَأتون المُزدلِفةَ حتَّى يَدخُلَ وقْتُ العِشاءِ. والثانيةُ الفجر؛ فقدْ صَلَّاها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ مُباشرةً، فتَحويلُ الفجْرِ عن وَقتِه لا يَعني إيقاعَه قبْلَ دُخولِ وَقْتِه، بلِ المرادُ أنَّه بالَغَ في التَّبكيرِ في ذلك اليومِ، حتَّى وإنْ لم يظْهَرْ لبَعضِ الناسِ؛ وذلك لِيتَّسِعَ الوقتُ لِما بيْن أيْدِيهم مِن أعمالِ يومِ النّْحْرِ مِن المَناسِكِ، وقيل: كان يُبكِّرُ مِن أجْلِ أنْ يَتَّسِعَ الوقتُ للذِّكرِ والدُّعاءِ؛ لأنَّ ما بيْن صَلاةِ الفجْرِ ودفْعِ الناسِ إلى مِنًى مَحلُّ ذِكرٍ ودُعاءٍ.
ثمَّ وقَفَ ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه حتَّى أضاء الصُّبحَ، ثمَّ قال: لو أنَّ أميرَ المؤمنينَ -يَقصِدُ عُثْمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، وكان خَليفةَ المسلمينَ حينئذٍ، وكان يَحُجُّ هذا العامَ- نَزَلَ الآنَ في وَقْتِ الإسفارِ وقبْلَ طُلوعِ الشَّمسِ إلى مِنًى، لَوافَقَ سُنَّةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فأخْبَرَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ يَزيدَ أنَّ كَلامَ ابنِ مَسعودٍ هذا كان في نفْسِ الوقتِ الذي أفاضَ فيه عُثمانُ إلى مِنًى، فلا يَدْري أيُّهما كان قبْلَ الأوَّلِ مِن شِدَّةِ اقترابِ وَقتِهما، وكأنَّهما في وَقْتٍ واحدٍ.
واستَمرَّ ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه في التَّلبيةِ حتَّى نزَلَ مِنًى ورَمى جَمْرةَ العَقَبةِ الكُبْرى يومَ النَّحرِ، وهو اليومُ العاشرُ مِن ذي الحِجَّةِ. وصِيغةُ التَّلبيةِ: «لَبَّيكَ اللَّهمَّ لَبَّيك، لَبَّيك لا شَريكَ لك لَبَّيك، إنَّ الحمْدَ والنِّعمةَ لك والمُلكَ، لا شَريكَ لك»، ويَبدَأُ وقْتُ التَّلبيةِ عندَ الإحرامِ بالحجِّ أو العُمرةِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ المَبيتِ في مُزدلِفةَ، والوقوفِ بها إلى الإسفارِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الجمْعِ بيْن المَغرِبِ والعِشاءِ بمُزدلِفةَ جمْعَ تَأخيرٍ، بأذانينِ وإقامتينِ.
وفيه: التَّبكيرُ بصَلاةِ الفجْرِ بالمُزدلِفةِ في أوَّلِ وَقْتِها.