الموسوعة الحديثية


- كان المسلمونَ لا ينظرون إلى أبي سفيانَ ولا يُقاعِدونه ، فقال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ : يا نبيَّ اللهِ ! ثلاثٌ أُعطيتُهُن ، قال : نعَم ، قال : عندي أحسنُ العربِ وأجملُهن أمُّ حبيبةَ بنتُ أبي سفيانَ أُزوِّجُكها ، قال : نعَم ، قال : ومعاويةُ تَجعلُه كاتبًا بينَ يدَيك ، قال : نعَم ، قال وتُؤَمِّرُني حتى أقاتلَ الكفارَ كما كنتُ أقاتلُ المسلمينَ ، قال : نعَم ، قال أبو زُمَيلٍ : ولولا أنه طلب ذلك مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ما أعطاه ذلكَ ؛ لأنه لم يكنْ يَسألُ شيئًا إلا قال : نعَم
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البيهقي | المصدر : السنن الكبرى للبيهقي | الصفحة أو الرقم : 7/140 | خلاصة حكم المحدث : و[فيه] عكرمة بن عمار لا يحتج به البخاري، وقد أجمع أهل المغازي على خلاف هذا الحديث | توضيح حكم المحدث : إشارة إلى ضعفه وعدم صحته | التخريج : أخرجه مسلم (2501)

كانَ المُسْلِمُونَ لا يَنْظُرُونَ إلى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ، فَقالَ للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا نَبِيَّ اللهِ، ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ، قالَ: نَعَمْ، قالَ: عِندِي أَحْسَنُ العَرَبِ وَأَجْمَلُهُ؛ أُمُّ حَبِيبَةَ بنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، أُزَوِّجُكَهَا، قالَ: نَعَمْ، قالَ: وَمُعَاوِيَةُ، تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بيْنَ يَدَيْكَ، قالَ: نَعَمْ، قالَ: وَتُؤَمِّرُنِي حتَّى أُقَاتِلَ الكُفَّارَ، كما كُنْتُ أُقَاتِلُ المُسْلِمِينَ، قالَ: نَعَمْ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَلَوْلَا أنَّهُ طَلَبَ ذلكَ مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ما أَعْطَاهُ ذلكَ؛ لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شيئًا إلَّا قالَ: نَعَمْ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2501 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (2501)


تَفاضَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم فيما بيْنهم بالسَّبْقِ في الإسلامِ، والصَّبرِ على أذى المشْرِكين، وحُسنِ البلاءِ في الجهادِ لنَشرِ الدِّينِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم كانوا لا يَنظُرونَ إلى أبي سُفيانَ بنِ حَربٍ رَضيَ اللهُ عنه ولا يُجالِسونَه؛ وذلكَ بعدَمَا دخَلَ في الإسلامِ يوْمَ فَتحِ مكَّةَ سَنةَ ثمانٍ مِن الهجرةِ، ثمَّ انْتقلَ إلى المدينةِ، وكان في قُلوبِ المسْلِمين نُفرةٌ منه، وسبَبُ ذلك ما مضَى منه مِنَ الحُروبِ وَالعداوةِ الشَّديدةِ للهِ وَلِرسولِه؛ حيث كان مِن زُعماءِ قُرَيشٍ، وظنُّوا أنَّ في إسلامهِ نِفاقًا؛ فقدْ كان مِن المؤلَّفةِ قُلوبُهم الَّذين كان يُعطِيهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المالَ لِيَدخُلوا في الإسلامِ، فجاء أبو سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال: «يا نَبِيَّ اللهِ، ثَلاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ»، أي: أعْطِني ثَلاثَ خِصالٍ؛ ليكونَ لي عِندكَ جاهٌ ومَنزِلةٌ، فيَعرِفَ النَّاسُ ذلك، فوافَقَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال أبو سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنه: «عِندي أحسَنُ العربِ وأجملُه؛ أُمُّ حبيبةَ بنتُ أبي سُفيانَ، أُزوِّجُكَها»، وَاسْتُشْكِلَ هذا جِدًّا؛ لأنَّ أبا سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه أَسلمَ عِندَ فَتْحِ مكَّةَ في رمضانَ في السَّنَةِ الثَّامنةِ، وَانتقَلَ بعد ذلك إلى المدينةِ في وقتٍ ما، وكانت أُمُّ حَبيبةَ رَضيَ اللهُ عنه قدْ أسلَمَت وهاجَرَت إلى الحبشةِ مع زَوجِها عُبيدِ اللهِ بنِ جَحشٍ، وتَزوَّجَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بعدِه وهي ما زالتْ بالحَبَشةِ، فأرسَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى النَّجاشي في تَزويجِها، فزَوَّجها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبعضُ المحقِّقينَ جَعَل هذا الحديثَ مِن أغلاطِ كِتابِ مُسلمٍ، ويَحتمِلُ أنَّه أراد الإقرارَ والتَّذكيرَ بأنَّ ابنتَه عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولعلَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ بِقوله: نعمْ، أنَّ مَقصودَكَ يَحصلُ وإنْ لم يكنْ بِحقيقةِ عقْدٍ، ويَحْتمِلُ أنَّ أبا سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه عرَضَ بِنتًا أُخرى له ولها نفْسُ كُنيةِ أُختِها على النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِينكِحَها، كما فَعَلَت أُمُّ حَبيبةَ رَضيَ اللهُ عنه ذلك؛ حيث أرادتْ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَتزوَّجَ أُختَها، وَأنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اعتَذَرَ عنه؛ لِتَحريمِ الجمْعِ بَيْنَ الأُختينِ، وعليه يكونُ قولُه: «نعمْ» مِن بابِ السَّماعِ للكلامِ لا المُوافَقةِ عليه.
ثمَّ ذَكَر أبو سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه الأمرَ الثَّانيَ، وهو أنَّ مُعاويةَ ابنَه كان يَعرِفُ الكتابةَ، فأرادَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَجعَلَه كاتِبًا بيْنَ يَدَيه، يَكتُبُ له ما شاءَ، ومِن ذلك الوحيُ الَّذي يَنزِلُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوافَقَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ثمَّ ذَكَر أبو سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه الأمرَ الثَّالثَ، وهو أنْ يَجعَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أميرًا على جَيشِ المسْلِمين حتَّى يُقاتِلَ الكفَّارَ، كما كان يُقاتلُ المسلِمينَ، فأجابه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وأخبَرَ التَّابعيُّ أبو زُمَيْلٍ سَماكُ بنُ الوليدِ -راوي الحديثِ عن عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما- أنَّ أبا سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنه لوْلا أنَّه طَلَب ذلك مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما أعْطاهُ ذلك؛ «لأنَّهُ لم يكنْ يُسْأَلُ شَيئًا إلَّا قال: نَعَمْ»، وهذا القولُ مِن أبي زُمَيلٍ أيضًا فيه إشكالٌ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يكنْ لِيُعطِي الإمارةَ عُمومًا مَن طلَبَها؛ كما في قِصَّةِ الرَّجُلينِ اللَّذَيْنِ جَاءَا مع أبي مُوسى الأَشْعَرِيِّ رَضيَ اللهُ عنه؛ فَفِي الصَّحِيحينِ عَنْ أبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنه قال: «دخلْتُ على النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنا ورَجُلانِ مِن بني عَمِّي، فقالَ أحدُ الرَّجُلينِ: يا رسولَ اللهِ، أَمِّرْنَا على بعضِ مَا وَلَّاكَ اللهُ عزَّ وجلَّ، وقال الآخَرُ مِثلَ ذلك، فقال: إنَّا واللهِ لا نُولِّي على هذا العمَلِ أحدًا سأَلَه ولا أحدًا حَرصَ عَليه»، فَمَنْحُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إِيَّاها لِأبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه دَليلٌ على صِدْقِه وإخلاصِه فيما طَلبَ.
وفي الحديثِ: فَضلُ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: فَضلُ مُعاويةَ بنِ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنه.