الموسوعة الحديثية


- أرادتْ عائشةُ أن تشتريَ بريرةَ فتُعتِقُها فقالَ موالِيها: لا إلا أن تجعلي لنا الولاءَ ، فذكرتْ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالَ: اشتريِها فإنما الولاءُ لمن أعتَقَ ، فاشترتْها وقامَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخطبَ فقالَ: ما بالُ أقوامٍ يشترطونَ شروطًا ليستْ في كتابِ اللهِ ، ألا ومنِ اشترطَ شرطًا ليسَ في كتابِ اللهِ فهو باطلٌ. وكانتْ تحتَ عبدٍ لبنِي المغيرةِ يدعَى مُغِيثًا وجعلَ لها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم الخيارَ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ | الصفحة أو الرقم : 1/378 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] محمد العطار قال عبد الله : كانوا يضعفونه لحديث ابن عباس | التخريج : أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3881)

أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا في كِتَابَتِهَا، فَقالَتْ: إنْ شِئْتِ أعْطَيْتُ أهْلَكِ ويَكونُ الوَلَاءُ لِي، وقالَ أهْلُهَا: إنْ شِئْتِ أعْطَيْتِهَا ما بَقِيَ - وقالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إنْ شِئْتِ أعْتَقْتِهَا، ويَكونُ الوَلَاءُ لَنَا - فَلَمَّا جَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَّرَتْهُ ذلكَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ابْتَاعِيهَا فأعْتِقِيهَا، فإنَّ الوَلَاءَ لِمَن أعْتَقَ. ثُمَّ قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ - وقالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ - فَقالَ: ما بَالُ أقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ؟! مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ، فليسَ له، وإنِ اشْتَرَطَ مِئَةَ مَرَّةٍ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 456 | خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : رواه مالك عن يحيى عن عمرة أن بريرة . ولم يذكر صعد المنبر

التخريج : أخرجه البخاري (456)، ومسلم (1504)


حثَّ الشَّرعُ على عِتْقِ المماليكِ، وجعَلَ ثَوابَ مَن أعتَقَ رقَبةً خالصةً للهِ أنْ يُعتِقَه اللهُ مِن النَّارِ، وقد نظَّم الشَّرعُ أُمورَ العِتقِ وما يَتبَعُه مِن عَلاقاتِ وَلاءٍ ومِيراثٍ تَنشَأُ بيْن المُعتِقِ والمُعتَقِ الَّذي تمَّ تَحريرُه.وفي هذا الحَديثِ تَحكي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ بَرِيرَةَ بنتَ صَفوانَ رَضيَ اللهُ عنها -وكانتْ مَوْلاةً لعائشةَ- أتتْ إليها تَستعينُ بها على أداءِ ما كاتَبَتْ عليه مالِكَها، والمُكاتَبةُ أنْ يَتعاقَدَ العبدُ مع سيِّدِه على قَدْرٍ مِن المالِ إذا أدَّاهُ أصبَحَ حرًّا، فأخْبَرَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها تُعِينُها على المالِ، ولكنْ بشَرْطِ أنْ يكونَ وَلاءُ بَريرةَ بعْدَ عِتْقِها لعائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، والوَلاءُ عبارةٌ عن تَناصُرٍ يُوجِبُ الإرثَ، بمعنى أنَّ هذا العبدَ لو مات ولم يكُن له وارِثٌ فإنَّ مُعتِقَه يَرِثُه بالوَلاءِ؛ فالوَلاءُ كالنَّسَبِ، ولكنَّ مُلَّاكَ بَريرة قالوا لعائشةَ كَلامًا شكَّ فيه سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ مِن رُواةِ الحديثِ، فذكَرَ مرَّةً أنَّهم قالوا لها: «إنْ شِئتِ أعْطَيْتِها ما بقِيَ»، فتَفضَّلْتِ على بَريرةَ بدَفْعِ الذي بقِيَ مِن مالِ الكتابةِ في ذِمَّتِها، ومرَّةً قال: إنْ شِئتِ أَعْتَقْتِها، ويكونُ الوَلاءُ لنا، فلمَّا جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذكَّرتْ له عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما حدَث مع بَريرةَ، فأمر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عائشةَ أنْ تَشترِيَ بَريرةَ مِن مالِكِيها وتُعتِقَها، وأخْبَرَها أنَّ الولاءَ لِمَن أعتَقَ، وهذا حكْمُ الشَّرعِ، ثمَّ قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المِنبرِ في مَسجدِه، فقال: «ما بالُ أقوامٍ»، أي: وما شَأنُهم؟ ولماذا يَفعلونَ ذلك؟ «يَشترِطونَ شُروطًا ليستْ في كتابِ اللهِ»، ولا تُوافِقُ شَرْعَ اللهِ تعالى وحُكمَه مِن كتابٍ أو سُنَّةٍ، وهذا تَعريضٌ مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ حتَّى لا يَتحرَّجَ فاعلُ ذلك، وإشعارٌ للناسِ بِتَعميمِ الأمرِ وأنَّ كثيرًا مِن الناسِ يَفعَلونه، فيَتوارَى الفاعلُ الأصليُّ فلا يُصيبُه الحرَجُ بيْن الناسِ، وإنَّما يَعلَمُ ويَتعلَّمُ.ثمَّ أخبَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن اشترَطَ شَرْطًا ليس في كِتابِ اللهِ، فليس له ذلك الشَّرْطُ ولا يَستحِقُّه، «وإنِ اشترَطَ مئةَ مرَّةٍ» فذكَرَ المئةَ؛ للمُبالغةِ في الكثرةِ، لا أنَّ هذا العددَ بعَينِه هو المرادُ.وفي الحديثِ: حُسْنُ عِشرةِ الإمامِ مع رَعيَّتِه؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا خطَب لم يُواجِهْ صاحبَ الشَّرْطِ بعَينِه؛ لأنَّ المقصودَ يَحصُلُ له ولغيرِه بدونِ فَضيحةٍ وشَناعةٍ عليه.وفيه: خُطبةُ الإمامِ عندَ وُقوعِ خَطأٍ، وتَبيينُه للنَّاسِ حُكْمَ ذلك وإنكارُه عليهم.وفيه: المُبالغةُ في إزالةِ المنكَرِ، والتَّغليظُ في تَقبيحِه.وفيه: مَشروعيَّةُ تَعليمِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ المُتعلِّقةِ بأُمورِ الدُّنيا -مِثْل أُمورِ البيعِ والشِّراءِ في المسجدِ- وبَيانِ أحكامِها.