الموسوعة الحديثية


- نهى رسولُ اللهِ عن سلَفٍ وبَيْعٍ وعن شرطَيْنِ في بيعٍ وعن بيعِ ما لَمْ يُقبَضْ ورِبْحِ ما لَمْ يُضمَنْ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط | الصفحة أو الرقم : 2/154 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن عاصم إلا همام تفرد به عمرو | التخريج : أخرجه أبو داود (3504)، والترمذي (1234)، والنسائي (4611) باختلاف يسير

استعملَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ عتَّابَ بنَ أسيدٍ على مَكَّةَ , فقالَ إنِّي قد أمَّرتُكَ على أَهلِ اللَّهِ بتقوى اللَّهِ عزَّ وجلَّ , ولا يأْكُل أحدٌ منْهم من ربحِ ما لم يضمَنْ , وانْهَهم عن سلَفٍ وبيعٍ وعنِ الصَّفقتينِ في البيعِ الواحدِ , وأن يبيعَ أحدُهم ما ليسَ عندَهُ
الراوي : يعلى بن أمية | المحدث : الذهبي | المصدر : المهذب في اختصار السنن
الصفحة أو الرقم: 4/2078 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد

التخريج : أخرجه البيهقي (10994)


اهتَمَّ الإسلامُ بتَنظيمِ المُعامَلاتِ التِّجاريَّةِ بيْن النَّاسِ؛ حِفاظًا على حُقوقِهم، وإقامةً للعَدْلِ بيْنهم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ يَعْلى بنُ أُميَّةَ: "استَعمَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عتَّابَ بنَ أَسِيدٍ على مَكَّةَ"، أي: جعَلَهُ واليًا عليها، فقال: "إنِّي قد أمَّرْتُك على أهْلِ اللهِ بتَقْوى اللهِ عزَّ وجَلَّ"، أي: هم أولياءُ اللهِ الَّذين اختَصَّهم بمَحبَّتِه، والعِنايةِ بهم، والمُختصُّون به كاختِصاصِ أهْلِ الإنسانِ به؛ سُمُّوا بذلك تَعظيمًا لهم، كما يُقالُ: بَيتُ اللهِ، ولأنَّهُم أهلُ بيتِ اللهِ الحَرامِ، "ولا يأْكُلُ أحدٌ منهم مِن رِبْحِ ما لم يَضْمَنْ"، أي: لا يأكُلُ مِن ثَمنِ بيْعِ سِلعةٍ اشتَرَاها ولم يَقبِضْها ولم تكُنْ بحَوزتِه بعدُ، فهي في ضَمانِ البائعِ الأوَّلِ وليستْ في ضَمانِه؛ فلا يَبِعْ حتَّى تكونَ في ضَمانِه، "وانْهَهُم عن سلَفٍ وبيْعٍ"، أي: لا بَيْعَ مع شَرْطٍ؛ وذلك بأنْ تَبيعَ سِلعةً، وتقولَ لِمَنِ اشتراها: بِعْتُكَ على أنْ تُسْلِفَني مَبلغَ كذا. وقيل: هو أنْ تُقرِضَه، ثمَّ تَبيعَ منه شيئًا بأكثرَ مِن ثَمنِه، وكِلتا الصُّورتينِ داخِلَتانِ في الرِّبا؛ لأنَّه قَرْضٌ جَرَّ نفْعًا. وقيل: يُقصَدُ به السَّلَمُ، ويكونُ المعنى: أنْ يُسلَفَ شَخْصٌ، فيُقالَ له: إنْ لم يَتوفَّرْ عندكَ سَدادُه، فهو بَيْعٌ عليكَ، "وعنِ الصَّفقتينِ في البَيعِ الواحدِ"، أي: إنَّه نَهَى أنْ يَتناوَلَ عَقْدُ البيعِ بَيعتَينِ على ألَّا يَتِمَّ منهما إلَّا واحدةٌ مع لُزومِ العَقدِ، سواءٌ كان أحدُهما بنَقدٍ واحدٍ، أو بنَقدَيْن مُختلفَينِ. وفُسِّرَ ذلك على وَجهينِ:
أحدُهما: أنْ يقولَ: بِعتُك هذا الثَّوبَ نقْدًا بِعَشرةٍ، ونَسيئةً مُؤجَّلًا بخَمسةَ عشرَ، فهذا مَنْهيٌّ عنه؛ لأنَّه لا يُعلمُ الثَّمنُ الَّذي يَختارُه منهما، فيَقعُ به العقدُ، وإذا جُهِلَ الثَّمنُ بطَلَ البيعُ. وقيل: عِلَّةُ النَّهيِ هنا عدمُ استِقرارِ الثَّمنِ ولُزومُ الرِّبا، عندَ مَن يَمنعُ بيْعَ الشَّيءِ بأكثرَ مِن سِعرِ يَومِه؛ لأجلِ زِيادةِ الأجَلِ. والوَجهُ الآخَرُ: أنْ يقولَ: بِعتُك هذا العبدَ بعِشرينَ دِينارًا، على أنْ تَبيعَني جاريتَك بِعَشَرةِ دَنانيرَ؛ فهذا أيضًا فاسدٌ؛ لأنَّه جعَلَ ثمَنَ العبدِ عِشرينَ دِينارًا، وشَرَط عليه أنْ يَبيعَه جاريتَه بِعشرةِ دَنانيرَ، وذلك لا يَلْزَمُه، وإذا لم يَلزَمْه سقَطَ بعضُ الثَّمنِ، وإذا سقَطَ بعضُه صار الباقي مَجهولًا. وقيل: عِلَّةُ النَّهيِ هنا تَعليقُ البَيعِ بِشرْطٍ مُستقبَلٍ يَجوزُ وُقوعُه وعدَمُ وُقوعِه؛ فلم يَستقِرَّ المِلكُ. أمَّا إذا باعَهُ شَيئينِ بثمنٍ واحدٍ- كدارٍ وثوبٍ، أو عبدٍ وثوبٍ- فهذا ليس مِن بابِ البَيعتينِ في البيعةِ الواحدةِ، وإنَّما هي صَفقةٌ واحدةٌ جَمَعتْ شَيئينِ بثَمنٍ مَعلومٍ.
"وأنْ يَبيعَ أحدُهم ما ليس عندَه"، أي: يَبيعَ ما لا يَملِكُه، كبَيعِ الجمَلِ الضَّائعِ، ونحوِ ذلك؛ لِمَا في ذلك مِن الجَهالةِ الظَّاهرةِ.
وفي الحديثِ: نَهيُ الإسلامِ عن الجَهالةِ في المُعامَلاتِ.
وفيه: الحثُّ على تَفقُّهِ التُّجَّارِ في الدِّينِ.