الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ لَمَّا أقْبَلَ يُرِيدُ الإسْلَامَ، ومعهُ غُلَامُهُ ضَلَّ كُلُّ واحِدٍ منهما مِن صَاحِبِهِ، فأقْبَلَ بَعْدَ ذلكَ وأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا هُرَيْرَةَ هذا غُلَامُكَ قدْ أتَاكَ، فَقالَ: أما إنِّي أُشْهِدُكَ أنَّه حُرٌّ، قالَ: فَهو حِينَ يقولُ: يَا لَيْلَةً مِن طُولِهَا وعَنَائِهَا... علَى أنَّهَا مِن دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 2530 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

لَمَّا قَدِمْتُ علَى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ في الطَّرِيقِ: يَا لَيْلَةً مِن طُولِهَا وعَنَائِهَا ... علَى أنَّهَا مِن دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ قالَ: وأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ لي في الطَّرِيقِ، قالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ علَى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَايَعْتُهُ، فَبيْنَا أنَا عِنْدَهُ إذْ طَلَعَ الغُلَامُ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا هُرَيْرَةَ، هذا غُلَامُكَ؟ فَقُلتُ: هو حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فأعْتَقْتُهُ. قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: لَمْ يَقُلْ أبو كُرَيْبٍ، عن أبِي أُسَامَةَ: حُرٌّ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2531 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (2531)


حَرَصتْ شَريعةُ الإسلامِ على العِتقِ، ويَسَّرتْ أسبابَه، وبارَكَت مَن يُبادِرُ بعِتْقِهم، ووَعَدَت على ذلك الجزاءَ الأَوفى، فبادَرَ إلى ذلك أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والصَّالِحون مِن العِبادِ في كلِّ زَمانٍ ومَكانٍ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو هُرَيرةَ رَضيَ الله عَنه أنَّه لَمَّا قَدِمَ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن اليمنِ إلى المدينةِ المنوَّرةِ يُريدُ الإسلامَ -وكان هذا في العامِ السَّابعِ مِن الهِجرةِ- أنشَدَ في الطَّريقِ:
يا لَيلةً مِن طُولِها وعَنائِها ... عَلى أنَّها مِن دَارةِ الكفْرِ نجَّتِ
«وعَنائِها»، أي: تَعَبِها ومَشقَّتِها، و«دارةُ الكفْرِ»، هي  الدَّارُ التي تجري فيها أحكام الكُفر، والدَّارةُ أخصُّ مِن الدَّارِ؛ يَصِفُ أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه سَفَرَه، وأنَّه سافَرَ في لَيلةٍ طَويلةٍ، قاسَى فِيها التَّعَبَ والمشقَّةَ، لكنَّها نَجَّتْه مِن الكُفْرِ بإسْلامِه على يَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وأخبَرَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه هَرَبَ منْه غُلامٌ مَملوكٌ له وهو في الطَّريقِ، فلَمَّا قَدِم على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بايَعَه على الإسلامِ، والمبايعةُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هي المُعاقَدةُ على الإسلامِ والتَّعهُّدُ بِالتزامِ أحكامِه.
وبعْدَ أنْ بايَعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ظَهَر الغُلامُ وأبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه عندَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا أبا هُريرةَ، هَذا غُلامُك؟» يَحتمِلُ أنْ يكونَ وَصَفَه أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه له فعَرَفَه، أو عَرَفَه لَمَّا رآهُ مُقبِلًا إليه، أو أخبَرَهُ الوحْيُ. فقال أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «هو حُرٌّ لوَجْهِ اللهِ»، فأعتَقَه. وفي رِوايةٍ في البُخاريِّ أنَّه قال: «هو لوَجْهِ اللهِ» دونَ قولِه: «حُرٌّ»، ويُستَفادُ مِن ذلك: أنَّ الرَّجُلَ إذا قال لعَبْدِه: «هُوَ حرٌّ»، أو «هُوَ للهِ»، أو أيَّ قولٍ يُفهَمُ به عن المُتَكَلِّمِ أنَّه أرادَ به العِتْقَ، ونوَى العتْقَ: أَنَّه يَلْزَمُه العتْقُ ويَنفُذُ عليه.