موسوعة الفرق

المَبحَثُ الرَّابعُ: مقصودُ المُعتَزِلةِ وأتباعِهم من أهلِ الكلامِ بنَفيِ الجِسميَّةِ: التَّعطيلُ


نفيُ الجِسميَّةِ عن اللهِ تعالى عِندَهم يَقصِدون به نَفيَ الصِّفاتِ والرُّؤيةِ والكلامِ.
قال ابنُ تيميَّةَ: (الأُولى ‌طريقةُ ‌الجَهميَّةِ ‌من ‌المُعتَزِلةِ وغيرِهم: يَنفُون الجِسمَ حتَّى يتوهَّمَ المُسلِمون أنَّ قَصدَهم التَّنزيهُ، ومقصودُهم بذلك أنَّ اللهَ لا يُرى في الآخرةِ، وأنَّه لم يتكَلَّمْ بالقُرآنِ ولا غيرِه، بل خَلَق كلامًا في غيرِه، وأنَّه ليس له عِلمٌ يقومُ به، ولا قُدرةٌ ولا حياةٌ، ولا غيرُ ذلك من الصِّفاتِ!) [1601] ((مجموع الفتاوى)) (17/ 300). .
والسَّلَفُ لا يُقِرُّون لَفظَ الجِسميَّةِ في حَقِّ اللهِ تعالى، لكِنَّهم لا يَنفُون ما قد تحتَمِلُه من معنًى صحيحٍ، كإثباتِ الذَّاتِ والأسماءِ والصِّفاتِ والأفعالِ، لكِنَّ الجِسمَ بلَفظِه ليس من صِفاتِ اللهِ؛ لأنَّه لفظٌ مُبتَدَعٌ لم يَرِدْ في القُرآنِ والسُّنَّةِ نفيُه ولا إثباتُه، أمَّا أهلُ الأهواءِ فهم في ذلك على طَرَفَي نقيضٍ؛ فالمُمَثِّلةُ يُبالِغون في إثباتِه، والمُعَطِّلةُ يُبالِغون في نفيِه، ويَقصِدون به نفيَ الصِّفاتِ والأفعالِ، زَعمًا منهم أنَّها تقتضي الجِسميَّةَ، وذلك رَجمٌ بالغَيبِ، وقولٌ على اللهِ بغيرِ عِلمٍ؛ قال اللهُ تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: 67] .

انظر أيضا: