موسوعة الفرق

المَطلَبُ السَّادسُ: مِن مَضارِّ الفُرقةِ وآثارِها على الفردِ: عَدمُ قَبولِ العَملِ وإحباطُه


عن عائِشةَ رضِي اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أحدَث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ )) [252] رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) واللَّفظُ له. .
قال أبو العبَّاسِ القُرطُبيُّ: (قولُه: «مَن أحدَث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ »، أي: مَن اختَرَع في الشَّرعِ ما لا يشهَدُ له أصلٌ مِن أصولِه فهو مفسوخٌ لا يُعمَلُ به، ولا يُلتفَتُ إليه) [253] ((المفهم)) (5/171). .
وقيل: إنَّ صاحِبَ البِدعةِ لا يُقبَلُ منه عَملٌ بإطلاقٍ على أيِّ وَجهٍ وقَع مِن وِفاقِ السُّنَّةِ أو خلافِها، قال ابنُ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما عن القَدَريَّةِ: (فإذا لَقيتَ أولئك فأخبِرْهم أنِّي بريءٌ منهم، وأنَّهم بُرآءُ منِّي، والذي يحلِفُ به عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ، لو أنَّ لأحدِهم مِثلَ أحُدٍ ذَهبًا، فأنفَقه؛ ما قبِل اللهُ منه حتَّى يُؤمِنَ بالقَدَرِ) [254] رواه مسلم (8). .
ويُؤيِّدُ هذا القولَ حديثُ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رضِي اللهُ عنه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه قال: ((المدينةُ حَرَمٌ ما بَينَ عائِرٍ إلى كذا، مَن أحدَث فيها حَدَثًا أو آوى مُحدِثًا؛ فعليه لعنةُ اللهِ والملائِكةِ والنَّاسِ أجمعينَ، لا يُقبَلُ منه صَرفٌ ولا عَدلٌ )) [255] رواه البخاري (1870) واللَّفظُ له، ومسلم (1370). .
وذلك على رأيِ مَن فسَّر الصَّرفَ بالفريضةِ، والعَدلَ بالنَّافِلةِ، وهذا شديدٌ جدًّا على أهلِ الإحداثِ في الدِّينِ [256] يُنظر: ((الاعتصام)) للشاطبي (ص: 85). .
وقيل: بل يُرَدُّ عَملُه ولا يُقبَلُ إذا كانت بِدعتُه أصلًا يتفرَّعُ عليه سائِرُ الأعمالِ، كما إذا ذهَب إلى إنكارِ العَملِ بخَبرِ الواحِدِ بإطلاقٍ، أو كانت بِدعتُه تُخرِجُه عن الإسلامِ، أو كان اعتِقادُه في الشَّريعةِ ضَعيفًا؛ بأن يدَّعيَ أنَّها مُكمِّلةٌ أو تابِعةٌ لرأيِه وعَقلِه [257] يُنظر: ((الاعتصام)) للشاطبي (ص:81-88) باختصارٍ وتصَرُّفٍ. .

انظر أيضا: