موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّامِنُ: الجنَّةُ والنَّارُ


أغلَبُ المُعتَزِلةِ يُنكِرون وجودَهما الآنَ، ويَرَونَ أنَّ اللهَ يَخلُقُهما يومَ القيامةِ، وحمَلَهم على ذلك أصلُهم الفاسِدُ الذي وضعوا به ما ينبغي للهِ أن يفعَلَه، وما لا ينبغي له أن يفعَلَه، وقاسوه على خَلْقِه في أفعالِهم! فهم مُشَبِّهةٌ في الأفعالِ، ودخل التَّجَهُّمُ فيهم، فصاروا مع ذلك مُعَطِّلةً، وقالوا: خَلقُ الجنَّةِ قَبلَ الجزاءِ عَبَثٌ؛ لأنَّها تصيرُ مُعَطَّلةً مُدَدًا مُتطاوِلةً، فرَدُّوا من النُّصوصِ ما خالَف هذه الشَّريعةَ الباطِلةَ التي وضَعوها للرَّبِّ تعالى، وحرَّفوا النُّصوصَ عن مواضِعِها، وضَلَّلوا وبدَّعوا مَن خالَف شريعتَهم [1555] ((شرح الطحاوية)) لابن أبي العز (ص: 476). .
واستَدَلَّ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ بأدِلَّةٍ كثيرةٍ على كَونِهما مخلوقَتينِ وموجودتَينِ، ومن ذلك قولُ اللهِ تعالى: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133] ، وقولُه فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [البقرة: 24]
ومن السُّنَّةِ حَديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: خَسَفت الشَّمسُ على عهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرَت الحديثَ... وفيه: وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لقد رأيتُ في مقامي هذا كُلَّ شيءٍ وُعِدْتُه، حتى لقد رأيتُ أريدُ أن آخُذَ قِطفًا من الجنَّةِ حينَ رأيتُموني جعَلْتُ أتقَدَّمُ، ولقد رأيتُ جَهنَّمَ يَحطِمُ بعضُها بعضًا حينَ رأيتُموني تأخَّرْتُ )) [1556] أخرجه البُخاريُّ (1212) واللَّفظُ له، ومُسلمٌ (901). .

انظر أيضا: