موسوعة الفرق

المَبحَثُ السَّابعُ: الصِّراطُ


اختلف المُعتَزِلةُ في الصِّراطِ؛ فمنهم من أثبتَه، كالقاضي عبدِ الجبَّارِ، ومنهم من جوَّزه ولم يحكُمْ بوقوعِه، كأبي الهُذَيلِ، ومنهم المترَدِّدُ في نفيِه وإثباتِه، كالجُبَّائيِّ.
قال الآمِديُّ: (وأمَّا الصِّراطُ فمَذهَبُ أكثَرِ المُسلِمين إثباتُ الصِّراطِ على مَتنِ جَهنَّمَ، وهو كالجِسرِ الممدودِ عليها، وعليه يَعبُرُ الخلائِقُ جميعُهم؛ المؤمِنُ وغيرُ المؤمِنِ... وذهب أكثَرُ المُعتَزِلةِ إلى نَفيِ الصِّراطِ بهذا المعنى) [1552] ((أبكار الأفكار)) (2/ 191). ويُنظر: ((المواقف)) للإيجِيِّ (ص: 383- 384). .
ورفَض القاضي عبدُ الجبَّارِ رأيَ بَعضِ مشايخِه وأصحابِه بأنَّ الصِّراطَ هو الأدِلَّةُ الدَّالَّةُ على الطَّاعاتِ التي ينجو من يتمَسَّكُ بها، ويدخُلُ الجنَّةَ، وأنَّه الأدِلَّةُ الدَّالَّةُ على المعاصي التي مَن فعَلها هلك ودخل النَّارَ، فرَدَّ عليهم بقَولِه: (وذلك ممَّا لا وَجهَ له؛ لأنَّ فيه حملًا لكلامِ اللهِ تعالى على ما ليس يَقتَضيه ظاهِرُه) [1553] ((شرح الأصول الخمسة)) (ص: 738). .
وقال أيضًا: (قد دَلَّ القرآنُ على سُورٍ مَضروبٍ فيه كذا ألفَ مكانٍ للسُّيَّارِ، وهو المكانُ الذي يجتازون منه إلى الجنَّةِ؛ ولذلك قال: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ [الحديد: 13-14] فبَيَّنوا لهم أنَّهم أُوتوا من قِبَلِ أنفُسِهم، فالصِّراطُ -على ما ذكَرْناه- هذا الطَّريقُ إلى الجنَّةِ والنَّارِ، على ما بَيَّنَّاه) [1554] ((فضل الاعتزال)) (ص: 205- 206). .

انظر أيضا: