موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّامنُ: مِن منهَجِ المُعتَزِلةِ في التَّعامُلِ معَ اللُّغةِ العربيَّةِ لتقريرِ عقائِدِها: التَّصرُّفُ في سياقاتِ اللُّغةِ العربيَّةِ بالتَّأويلِ وادِّعاءِ أنَّ هناك محذوفًا يجِبُ تقديرُه


وهذا بابٌ لا حُدودَ له لدى المُعتَزِلةِ، وأمثلتُه فوق الحَصرِ؛ كتأويلِهم صفةَ التَّجلِّي بتجلِّي أمرِ اللهِ أو قُدرتِه، وإتيانَه في ظُلَلٍ مِن الغَمامِ: بمجيءِ أمرِه، ونُزولَ اللهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا: بنُزولِ أمرِه ورحمتِه، ومجيئَه إلى الموقِفِ للقضاءِ: بمجيءِ أمرِه أو ملائِكتِه، وهو مِن أكثَرِ الوسائِلِ التي استعمَلَتها المُعتَزِلةُ في نَفيِ الصِّفاتِ.
قال قُطرُبٌ في قولِه تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ [الأعراف: 143] : (تجلَّى بأمرِه أو قُدرتِه، وهي كقولِه تعالى: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا [يوسف: 82] يعني أمرَه؛ لأنَّ اللهَ تبارَك وتعالى لا يزولُ، كما تقولُ: قد خَشِينا أن يأتيَنا بنو أميَّةَ، وإنَّما تعني حُكمَهم) [1475] ((معاني القرآن)) (1/170). .
ولهذا جعل القاضي عبدُ الجبَّارِ التَّأويلَ مِن أُصولِهم فقال: (وهكذا طريقتُنا في سائِرِ المُتشابِهِ: أنَّه لا بُدَّ مِن أن يكونَ له تأويلٌ صحيحٌ، يُخَرَّجُ على مذهَبِ العربِ، مِن غَيرِ تكلُّفٍ وتعسُّفٍ) [1476] ((المغني في أبواب العدل)) (16/380)، وما ذهب إليه هو عَينُ التَّكَلُّفِ والتَّعَسُّفِ! .

انظر أيضا: