موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: رأيُ المُعتَزِلةِ في بَعثةِ الأنبياءِ


لمعرفةِ رأيِ المُعتَزِلةِ في بَعثةِ الرُّسلِ لا بُدَّ أن نسوقَ شيئًا مِن أقوالِهم أو أقوالِ مَن نقَل عنهم، ومِن ذلك:
قال القاضي عبدُ الجبَّارِ: (إنَّ البَعثةَ متى حَسُنَت وجَبت، على معنى أنَّها متى لم تجِبْ قبُحَت لا محالةَ) [949] ((شرح الأصول الخمسة)) (ص: 564). .
وقال أيضًا: (اعلَمْ أنَّه إذا صحَّ أنَّ الذي يُبعَثُ له الرَّسولُ هو ما ذكَرْناه مِن تعريفِ المصالِحِ، فلا شُبهةَ في أنَّ ذلك واجِبٌ، كما أنَّه إذا كُلِّف المُكلَّفُ فلا بُدَّ مِن أنَّه يجِبُ التَّمكينُ وإزاحةُ العِلَلِ) [950] ((المغني في أبواب العدل)) (15/63). .
وقال أيضًا: (يجِبُ على كُلِّ حالٍ بَعثةُ الرُّسلِ؛ لأنَّه لا فرقَ بَينَ أن يُحتاجَ إليها في الشُّروطِ التي لا تتمُّ العِباداتُ إلَّا بها، أو في نَفسِ العِباداتِ) [951] ((المغني في أبواب العدل)) (15/28). .
وقال الغَزاليُّ وهو يحكي رأيَ المُعتَزِلةِ في بَعثةِ الرُّسلِ: (وقالت المُعتَزِلةُ: إنَّ بَعثةَ الأنبياءِ واجِبةٌ) [952] ((الاقتصاد في الاعتقاد)) (ص: 195). .
مِن هذه الأقوالِ يظهَرُ أنَّ المُعتَزِلةَ ترى وُجوبَ بَعثةِ الرُّسلِ على اللهِ؛ لأنَّها مِن مُقتَضَياتِ عَدلِه؛ إذ إنَّ فيها صلاحَنا، وقد علِم اللهُ ذلك، فلو لم يبعَثْ رسولًا لأخلَّ بما هو واجِبٌ عليه. واللهُ يتنزَّهُ عن ذلك.

انظر أيضا: