موسوعة الفرق

المسألةُ الأولى: نقدُ احتِجاجِ المُعتَزِلةِ بشُبهةِ الأعراضِ


شُبهةُ الأعراضِ وحُدوثِ الأجسامِ مبنيَّةٌ على إلزامٍ ألزَمه المُعتَزِلةُ بأنَّ الصِّفاتِ حادِثةٌ، وأنَّه لو اتَّصف سُبحانَه بها لتغيَّر، وهذا في حدِّ ذاتِه يعتبِرونَه مُستنَدًا لشُبهتِهم؛ فقد نقَل الشَّهْرَسْتانيُّ عن المُعتَزِلةِ أنَّهم قالوا: (لو قامت الحوادِثُ بذاتِ الباري تعالى لاتَّصف بها بَعدَ أن لم يتَّصِفْ، ولو اتَّصف لتغيَّر، والتَّغيُّرُ دليلُ الحدوثِ؛ إذ لا بُدَّ مِن مُغيِّرِه) [583] ((نهاية الإقدام)) (ص: 115). ويُنظر: ((المُنْية والأمل)) لابن المرتضى (ص: 109). .
وهذا الإلزامُ باطِلٌ؛ لِما يلي:
أوَّلًا: أنَّ القولَ بحُدوثِ الصِّفةِ يُشيرُ إلى أنَّ اللهَ تعالى كان جاهِلًا حتَّى أحدَث العِلمَ، وعاجِزًا حتَّى أحدَث القُدرةَ، ووَصْفُ اللهِ بالجهلِ أو العجزِ كُفرٌ بلا خلافٍ؛ لأنَّه وَصْفٌ له بصفةِ نقصٍ، تعالى اللهُ عن ذلك عُلوًّا كبيرًا، فما يُؤدِّي إليه مِثلُه.
ثانيًا: أنَّا لم نقُلْ: إنَّ الصِّفاتِ حادِثةٌ، بل قُلْنا: إنَّها تابِعةٌ لموصوفِها بالقِدَمِ مِن غَيرِ أن تكونَ مُستقلَّةً عنه، على التَّفصيلِ الذي سبَق ذِكرُه في كَلِمةِ القديمِ عندَ الرَّدِّ على الشُّبهةِ الأولى، وبذلك تبطُلُ هذه الشُّبهةُ. واللهُ أعلَمُ [584] يُنظر: ((المُعتزِلة وأصولهم الخمسة)) للمعتق (ص: 88). .

انظر أيضا: